قال المفسرون: يقول: لا تميلوا إلى الشابة كل الميل فتدعوا الأخرى كالمنوطة لا في الأرض وفي السماء كذلك هذه لا تكون مخلاة فتزوج ولا ذات بعل يحسن عشرتها.
وإن تصلحوا: بالعدل في القسم، وتتقوا: الجور، {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} النساء: ١٢٩ لما ملت إلى التي تحبها.
قوله تعالى: وإن يتفرقا الآية: ذكر الله تعالى جواز الصلح بين الزوجين إن أحبا أن يجتمعا ويتآلفا، فإن أبت الكبيرة الصلح، وأبت إلا التسوية بينها وبين الشابة، فتفرقا بالطلاق، فقد وعد الله لهما أن يغني كل واحد منهما عن صاحبه بعد الطلاق، وهو قوله: {يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} النساء: ١٣٠ قال الكلبي: أمر الله المرأة بزوج أو الزوج بامرأة.
{وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا} النساء: ١٣٠ الجميع خلقه في الرزق والرحمة حكيما فيما حكم ووعظ وعلم، ذكر ما يوجب الرغبة إليه في طلب الخير منه فقال: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} النساء: ١٣١ أي: هو مالك ما فيها، {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} النساء: ١٣١ يعني: اليهود والنصارى وإياكم: أوصى {أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا} النساء: ١٣١ بما أوصاكم به {فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} النساء: ١٣١ يعني أن له ملائكة من السموات والأرض هم أطوع له منكم، {وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا} النساء: ١٣١ لا حاجة له، والله تعالى غني بذاته لأنه قادر على ما يريد، حميدا: محمودا على نعمه.
قوله جل جلاله: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ} النساء: ١٣٣ قال ابن عباس: يريد المشركين والمنافقين.
ويأت بآخرين: قال مقاتل: يخلق غيركم أمثل وأطوع له منكم.
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} النساء: ١٣٤ قال ابن عباس: يريد متاع الدنيا، {فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} النساء: ١٣٤ قال الزجاج: كان مشركو العرب لا يؤمنون بالبعث والحساب وكانوا مقرين بأن الله خالقهم فكان تقربهم إلى الله تعالى إنما هو ليعطيهم من خير الدنيا ويصرف عنهم شرها، فأعلم الله تعالى أن خير الدنيا والآخرة عنده، فينبغي أن يطلب من عنده ثواب الدنيا والآخرة.
قوله عز وجل: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} النساء: ١٣٥ قوام: مبالغة من قائم.
قال ابن عباس: كونوا قوالين بالعدل في الشهادة على مَن كانت، {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} النساء: ١٣٥ .
وقال الزجاج: قوموا بالعدل، واشهدوا لله بالحق، وإن كان الحق على نفس الشاهد أو على والديه أو أقربيه.
وشهادة الإنسان على نفسه: إقراره بما عليه من الحق، فكأنه قيل: ولو كان لأحد عليكم حق فأقروا على أنفسكم.
وقوله: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} النساء: ١٣٥ أي: أن يكن المشهود غنيا أو فقيرا , قال ابن عباس: يقول: لا تحابوا غنيا لغناه، ولا ترحموا فقيرا لفقره.
وقال عطاء: لا تحيفوا على الفقير، ولا تعظموا الغني فتمسكوا على القول فيه.