وأجاب الله تعالى الكفار عن قولهم: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا} البقرة: ٢٦ فقال: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا} البقرة: ٢٦ أي: أراد الله بهذا المثل أن يضل به كثيرا من الكافرين، وذلك أنهم ينكرونه ويكذبونه، {وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} البقرة: ٢٦ من المؤمنين، لأنهم يعرفونه ويصدقون به.
قال الأزهري: الإضلال فِي كلام العرب: ضد الهداية والإرشاد، يقال: أضللت فلانا، إذا وجهته للضلال عن الطريق.
وإياه أراد لبيد بقوله:
من هداه سبل الخير اهتدى ... ناعم البال ومن شاء أضل
ولا يجوز أن يكون معنى الإضلال الحكم والتسمية، لأن أحدنا إذا حكم بإضلال إنسان لا يقال: أضله.
وهذا شيء لا يعرفه أهل اللغة.
قوله: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ} البقرة: ٢٦ قال الليث: والفسوق: الترك لأمر الله.
وقال الفراء: الفسق: الخروج عن الطاعة.
والعرب تقول: فسقت الرطبة عن قشرها، إذا خرجت.
وقال أبو الهيثم: وقد يكون الفسوق شركا، ويكون إثما، والذي أريد به ههنا: الكفر.
ثم وصف هؤلاء الفاسقين فقال: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} البقرة: ٢٧ ومعنى النقض: الهدم وإفساد ما أبرمته من حبل أو بناء، ونقيض الشيء: ما ينقضه، أي: ما يهدمه ويرفع حكمه.
وعهد الله: وصيته وأمره، يقال: عهد الخليفة إلى فلان كذا وكذا.
أي: أمره وأوصاه به، ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ} يس: ٦٠ .
وذكر المفسرون فِي العهد المذكور فِي هذه الآية قولين: أحدهما: ما أخذوه على النبيين ومن اتبعهم، أن لا يكفروا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} آل عمران: ٨١ الآية.