{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {٨} وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ {٩} وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {١٠} يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {١١} } المائدة: ٨-١١ قوله جل جلاله: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ} المائدة: ٨ معنى القيام لله أن تقوم لله بالحق في كل ما يلزم القيام به من الأمر بالمعروف والعمل به، والنهي عن المنكر وتجنبه.
{شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} المائدة: ٨ : تشهدون بالعدل {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} المائدة: ٨ أي: لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل، اعدلوا: في الولي والعدو {هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} المائدة: ٨ أي: هو أقرب لاتقاء النار.
قوله جل جلاله: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} المائدة: ١١ الآية، قال المفسرون: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه جماعة من أصحابه على بني النضير، وكانوا قد عاهدوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ترك القتال، وعلى أن يعينوه في الديات، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رجل من أصحابي أصاب رجلين معهما إمام متي فلزمني ديتها فأريد أن تعينوني» .
فقالوا: اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا.
وهموا باغتيالهم والفتك بهم، فأذن الله تعالى به حتى فاتوا بأنفسهم، فهو قوله: {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ} المائدة: ١١ يعني: يهود بني النضير {أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} المائدة: ١١ بالقتل والاغتيال، {فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} المائدة: ١١ بأن أخبركم حتى خرجتم من عندهم.
ثم أخبر الله تعالى عن نقض بني إسرائيل عهد الله، كما نقضت هذه الطبقة فقال: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ {١٢} فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ