قال الكلبي: يسكن فيه الخلق ويرجعونه إلى أوطانهم، وهو مثل قوله: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} يونس: ٦٧ وقرأ أهل الكوفة وجعل الليل لأن اسم الفاعل الذي قبله بمعنى الماضي، فلما كان فاعل بمنزلة فَعَل عطف عليه فَعَل لموافقته له في المعنى، ويدلك أنه بمنزلة فعل قوله: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} الأنعام: ٩٦ بالنصب، ألا ترى أنه لما كان المعنى في جاعل جَعَل نصب الشمس والقمر، لأن الليل في موضع نصب في المعنى، فرد الشمس والقمر على معناه.
وأما الحسبان: فهو مصدر كالحساب، يقال: حسبت أحسب حسابا وحسبانا.
وقال الأخفش، وأبو عبيدة، والمبرد: هو جمع حساب كركاب وركبان، وشهاب وشهبان.
ومعنى {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} الأنعام: ٩٦ أي: بحساب لا يتجاوزانه حتى ينتهيا إلى أقصى منازلهما، {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ} الأنعام: ٩٦ في ملكه يصنع ما أراد، العليم بما قدر من خلقهما.
قوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} الأنعام: ٩٧ وذلك أن راكبي البحار، وسالكي القفار إنما يهتدون في الليل لمقاصدهم بالنجوم لولاها لضلوا ولم يهتدوا.
{قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ} الأنعام: ٩٧ بيَّنَّا الدلائل على قدرتنا لقوم يعلمون.
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} الأنعام: ٩٨ يعني: آدم، فمستقر ومستودع: قال ابن الأنباري: أراد فلكم مستقر ومستودع.
قال ابن عباس: مستقر في الرحم، ومستودع في الصلب.
وقال كريب: كتب حبر تيماء إلى ابن عباس يسأله عن هذه الآية، فكتب إليه: المستودع: الصلب، والمستقر: الرحم.