بآية، وحلفوا ليؤمنُن بها، وسأل المسلمون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك، وعلم الله أنهم لا يؤمنون، فقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ} الأنعام: ١٠٩ أي: إنه هو القادر على الإتيان بها متى شاء، وما يشعركم أي: وما يدريكم إيمانهم، فحذف مفعول يشعركم.
قال الزجاج: أي: لستم تعلمون الغيب، ولا تدرون أنهم يؤمنون.
ثم أستأنف فقال: إنها إذا جاءت لا يؤمنون، ومن قرأ: أنها بالفتح فهو بمعنى لعلها، كأنه قال: لعلها إذا جاءت لا يؤمنون، وأن بمعنى لعل كثير في كلامهم.
تقول العرب: ائت السوق أنك تشتري لنا شيئا.
أي: لعلك، ذكر ذلك الخليل، والفراء.
قال الفراء: ويجوز على هذه القراءة أن تجعل لا صلة فيكون التقدير: وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون.
والمعنى على هذا أنها إذا جاءت لم يؤمنوا، والخطاب للمؤمنين.
وقرأ حمزة: تؤمنون بالتاء، والخطاب على هذه القراءة في قوله: وما يشعركم للكفار الذين أقسموا.
وهو قول مجاهد، قال: وما يدريكم أنكم تؤمنون إذا جاءت.
قوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} الأنعام: ١١٠ التقليب والقلب واحد: وهو تحويلك الشيء عن وجهه، ومعنى تقليب الأفئدة والأبصار: هو أن الواجب من مقتضى الآية أن يؤمنوا إذا جاءتهم الآية فعرفوها بقلوبهم ورأوها بأبصارهم، فإذا لو يؤمنوا كان ذلك بتقليب الله قلوبهم وأبصارهم عن وجهها الذي يجب أن يكون عليه، وهو معنى ما قاله المفسرون: نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم الآية فلا يؤمنون كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة مثل انشقاق القمر وغيره من الآيات.
وفي الآية محذوف تقديره: فلا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أول مرة.
والكناية في به يجوز أن تعود على القرآن، ويجوز أن تعود على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} الأنعام: ١١٠ قال عطاء: أخذلهم وأدعهم في ضلالتهم يتمادون.