عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {١٥١} وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {١٥٢} وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {١٥٣} } الأنعام: ١٤٨-١٥٣ {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} الأنعام: ١٤٨ إذا لزمتهم الحجة وتيقنوا باطل ما هم عليه من الشرك بالله وتحريم ما لم يحرمه الله: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} الأنعام: ١٤٨ قال المفسرون: إن المشركين جعلوا قولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} الأنعام: ١٤٨ حجة على إقامتهم على الشرك، فقالوا: إن الله تعالى رضي منا ما نحن عليه وأراده منا وأمرنا به، ولو لم يرض ذلك منا لحال بيننا وبينه.
ولا يكون هذا حجة لهم على أن ما هم عليه من الدين حق، لأن الأشياء كلها تجري بمشيئة الله تعالى، فلو كانوا على صواب لأن ذلك بمشيئة الله لكان من خالفهم وجب أن يكون عندهم أيضا على صواب، لأنهم أيضا على ما شاء، فينبغي ألا يقولوا: إنهم ضالون، فبان أنه لا حجة لهم في قولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} الأنعام: ١٤٨ ولو كان الأمر على ما قالوه، لأنهم تركوا أمر الله تعالى وتعلقوا بمشيئة الله.
وأمر الله بمعزل عن إرادته، لأنه يريد لجميع الكائنات غير آمر بجميع ما يريد، فعلى العبد أن يتبع الأمر، وليس له أن يتعلق بالإرادة بعد ورود الأمر.
قوله: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} الأنعام: ١٤٨ كما كذب هؤلاء كذب كفار الأمم الخالية أنبياءهم {حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} الأنعام: ١٤٨ شدة عذابنا، {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} الأنعام: ١٤٨ قال ابن عباس: من كتاب نزل من عند الله في تحريم ما حرمتم.
إن تتبعون: ما تتبعون فيما أنتم عليه إلا الظن، لا العلم واليقين، {وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ} الأنعام: ١٤٨ وما أنتم إلا خارصين كاذبين.
قوله: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} الأنعام: ١٤٩ قال الزجاج: حجته البالغة: تبيينه أنه الواحد وإرساله الأنبياء بالحجج التي يعجز عنها المخلوقون.
وهذا معنى قول المفسرين: ولله الحجة البالغة بالكتاب والرسول والبيان.