وقوله تعالى: {وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} البقرة: ٤٢ هو عطف على المجزوم فِي قوله: ولا تلبسوا أي: ولا تكتموا الحق، وأنتم تعلمون أن محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي مرسل، قد أنزل عليكم ذكره فِي كتابكم، واليهود جحدوا نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع العلم بأنه نبي، فلم ينفعهم ذلك العلم، لأن جاحد النبوة كافر.
قوله تعالى: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة الزكاة: تطهير للمال وإصلاح له وتثمير ونماء، كل ذلك قد قيل، وأصلها: من الزيادة، يقال: زكا الزرع يزكو زكاء، ممدود، وكل شيء يزداد فهو يزكو، قال النابغة:
وما أخرت من دنياك نقص ... وإن قدمت عاد لك الزكاء
يعني الزيادة، وسمي ما يخرج من المال للمساكين بإيجاب الشرع زكاة لأنها تزيد المال الذي يخرج منه، وتوفره، وتقيه الآفات.
قوله تعالى: واركعوا مع الراكعين معنى الركوع فِي اللغة: الانحناء، يقال للشيخ إذا انحنى من الكِبَر: ركع.
قال لبيد:
أخبر أخبار القرون التي مضت ... أدب كأني كلما قمت راكع
قال المفسرون: معناه: وصلوا مع المصلين محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، فعبر بالركوع عن جميع الصلاة، إذ كان ركنا من أركانها.
وإنما قال: واركعوا بعد قوله: وأقيموا الصلاة لأنه أراد الحث على إقامة الصلاة فِي جماعة، وقيل: لأنه لم يكن فِي دين اليهود ولا فِي صلاتهم ركوع، فذكر ما اختص بشريعة الإسلام، والآية خطاب لليهود.