فأخذها مثل شعاع الشمس، فوضعت يدها في وجهه، وخرت لله ساجدة، وقالت: ادع الله أن يجعلني زوجتك في الجنة.
قال موسى: لك ذلك إن لم تتزوجي بعد فإن المرأة لآخر أزواجها.
٣٦٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَارِثِيُّ، نا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مَنْصُورٍ، نا عُثْمَانُ بْنُ خُرَّزَاذَ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ حَمَّادٍ، نا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَاجَى مُوسَى بِمِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ كَلِمَةٍ فِي ثَلاثَةِ أَيَّامٍ وَصَايَا كُلّهَا، فَكَانَ فِيمَا نَاجَاهُ أَنْ قَالَ لَهُ: يَا مُوسَى لَمْ يَتَصَنَّعِ الْمُتَصَنِّعُونَ بِمِثْلِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَتَقَرَّبِ الْمُتَقَرِّبُونَ بِمِثْلِ الْوَرَعِ عَمَّا حَرَّمْتُ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَعَبَّدِ الْمُتَعَبِّدُونَ بِمِثْلِ الْبُكَاءِ مِنْ خِيفَتِي، قَالَ مُوسَى: يَا إِلَهَ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا مَاذَا أَعْدَدْتَ لَهُمْ، قَالَ: أَمَّا الزَّاهِدُونَ فِي الدُّنْيَا فَأُبِيحَهُمْ جَنَّتِي حَتَّى يَتَبَوَّءُوا فِيهَا حَيْثُ شَاءُوا، وَأَمَّا الْوَرِعُونَ عَمَّا حَرَّمْتُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ يَبْقَ عَبْدٌ إِلَّا نَاقَشْتُهُ الْحِسَابَ.
وَأَمَّا الْبَكَّاءُونَ مِنْ خِيفَتِي فَأُولَئِكَ لَهُمُ الرَّفِيقُ الأَعْلَى لا يُشَارَكُونَ فِيهِ "
وقوله: {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} الأعراف: ١٤٣ قال الزجاج: المعنى: أرني نفسك أنظر إليك أني قد سمعت كلامك، فإني أحب أن أراك.
ولو كانت الرؤية لا تصح في وصف الله، ما سأل موسى ذلك لأنه كان أعلم بالله من أن يسأل ما يستحيل في وصفه، وفي قوله: لن تراني دليل على جواز الرؤية لأنه لو كان مستحيل الرؤية لقال: لا أرى.
قال ابن عباس في رواية عطاء: لن تراني في الدنيا.
قال مقاتل: لما قال موسى: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} الأعراف: ١٤٣ قال له ربه: لن تراني، ولكن اجعل بيني وبينك ما هو أقوى منك، وهو الجبل، {فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ} الأعراف: ١٤٣ أي: سكن وثبت فسوف تراني، وإن لم يستقر مكانه فإنك لا تطيق رؤيتي، {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ} الأعراف: ١٤٣ أي: ظهر وبان للجبل قال الكلبي: هو أعظم جبل بمدين يقال له: زبير، جعله دكا أي: مدقوقا، يقال: دككت الشيء أدكه دكا إذا دققته.
قال الأخفش: كأنه قال: دكه دكا.
ومن قرأ: دكاء، فمعناه: جعله مثل