وقراءة أكثر القراء واعدنا من المواعدة، لأن ما كان من الله من الوعد ومن موسى القبول والتحري لإنجازه يقوم مقام الوعد، فصار كالتواعد من الفاعلين، وأيضًا فإن المفاعلة قد تقع من الواحد وقد ذكرنا.
وقرأ أبو عمرو وعدنا بغير ألف، لكثرة ما جاء فِي القرآن من هذا القبيل بغير ألف، كقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} المائدة: ٩ ، {أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ} طه: ٨٦ ، {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ} الأنفال: ٧ ، {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} إبراهيم: ٢٢ ، {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً} الفتح: ٢٠ ، يقال: وعدته وعدًا وعدة وموعدًا، وموعدة.
قال الله تعالى: {إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} التوبة: ١١٤ ، وقال: {وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} الكهف: ٥٩ .
ويقال: وعد، فِي الخير والشر.
قال الله تعالى: {أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا} طه: ٨٦ ، وقال: {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} الحج: ٧٢ .
وتقدير الكلام: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة للتكلم معه، أو لإتيانه الكتاب.
وقوله تعالى: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ} البقرة: ٥١ الاتخاذ: افتعال من الأخذ، والمعنى: ثم اتخذتم العجل من بعده معبودًا أو إلها، فحذف المفعول الثاني للعلم به، وكذلك قوله تعالى: {بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} البقرة: ٥٤ ، {اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} الأعراف: ١٤٨ ، {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} الأعراف: ١٥٢ ، التقدير فِي هذا كله: اتخذوه إلها، فحذف المفعول الثاني.
ومعنى الآية: أن الله تعالى نبههم على أن كفرهم بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس بأعجب من كفرهم وعبادتهم العجل ومن موسى عليه السلام.
وقوله تعالى: وأنتم ظالمون أي: ضارون لأنفسكم، وواضعون العبادة فِي غير موضعها.