{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلّ} أي: تواضع وتذلل لهما من رحمتك عليهما، وهذا أبلغ في الأمر بالتواضع من قوله: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} الحجر: ٨٨.
{رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا في نُفُوسِكُمْ} لأنه هو الذي خلقها فسواها وألهمها فجورها وتقواها، وهو الذي يحول بين المرء وقلبه، {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} المائدة: ١٨. {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ} شرط جوابه: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} لأنَّ الأوّاب هو التواب, والتواب هو الصالح.
{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ} حقهم ما يستحقونه ويستأهلونه لحاجتهم إليه من طعام أو كسوة أو ظهر، {وَلَا تُبَذِّرْ} لا تفرقوا المال (١) على سبيل الإضاعة والإهلاك كأنه أخذ من البذر.
{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} هم الذين كانوا ينفقون أموالهم فيما لا يغنيهم رئاء الناس واتباعًا لهوى النفس وكان يتعذر عليهم القيام بما يغنيهم.
{وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ} عن القتال والسؤال {ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} أي: انتظار رزق يأتيك لتواسيهم به، {فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} عدهم (٢) عدة جميلة. عن مسعر عن زبيد اليامي (٣) قال: أضاف (٤) رسول الله ضيفًا فبعث إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئًا فقال: "اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك فإنه لا يملكها أحد غيرك"، قال: فأتي النبي -عليه السلام- بشاة مشوية، أو قال: مصلية، فقال (٥) -عليه السلام-: "هذا من فضل الله ونحن ننتظر رحمته"، قال زبيد: فعلمت بهذا فقلَّ ما فقدت شيئًا بعده (٦).
(١) في "ب": (لا تفرق علي).
(٢) في الأصل: (أعدهم).
(٣) في "ب": (زبيد عن مسعر).
(٤) في "ب": (أتى) بدل (أضاف).
(٥) في الأصل: (وقال).
(٦) الطبراني في الكبير (١٠٣٧٩)، وأبو نعيم في الحلية (٥/ ٣٦) (٧/ ٢٣٩) والحديث صحيح، وهو من طريق مسعر عن زبيد عن مرّة عن عبد الله.