بحمد الله في صحيفة مؤمن يوم القيامة خير له من جبال الدنيا ذهبًا (١) {فَلَمْ نُغَادِرْ} أي لم نترك ولم نخلف.
{صَفًّا} مصدر كالاصطفاف، وقيل: اسم (٢) وهو ترتيب بعض الأشياء بجنب بعض والتشبيه بحيرتهم واشتغالهم بأنفسهم ووضع الكتاب في أيديهم أو في موازينهم.
{مُشْفِقِينَ} خائفين {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} تعجب، والاستثناء منقطع.
{مَا أَشْهَدْتُهُمْ} عائد إلى إبليس وذريته وإلى كل معبود عبد من دون الله {عَضُدًا} معينًا.
{مَوْبِقًا} مهلكًا، يقال: أوبقه الله أي أهلكه، والمراد به الوصلة التي كانت (٣) بين المشركين وآلهتهم في الدنيا أو النار يوم القيامة فيما بينهم يتهافتون {مُّوَاقِعُوهَا} النار، اقتحامها -النار- اسم جنس.
{جَدَلًا} فالجدل طبيعة الإنس وإن تفاوتوا في ذلك. وقد وصف الله تعالى الصحابة بذلك فقال: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ} الأنفال: ٦ قال -عليه السلام-: "ثلاث أتخوفهم عليكم: فيض المال فيكم، وزلة عالم، ورجال يجادلون بالقرآن" (٤). والنجاة من فيض المال الشكر، والنجاة من زلة العالم أن ينتظر فتنة ولا يعمل بزلته، والنجاة من الذين يجادلون بالقرآن أن يعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه.
{سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} قولهم {أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} الإسراء: ٩٤، وقوله: {أَوْ
(١) الزهد لابن المبارك (٩٣١)، وأبو نعيم في الحلية (٣/ ٢٧٢)، والبيهقي في الشعب (٦٩٢) عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير.
(٢) في "أ": (أهم).
(٣) ما بين ... ليست في الأصل.
(٤) لم نجده بهذا اللفظ ولكن ورد مفرقًا منه ما رواه البيهقي في الكبرى (١٠/ ٢١١) عن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعًا: (اتقوا زلة العالم". وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: "لا تجادلون بالقرآن فإنما ضل من كان قبلكم بجدالهم" رواه الحارثي في مسنده (زوائد الهيثمي (٢/ ٧٤٠).