وكثر فيه الحما من حرارة الشمس قبل غروبها في العين الحمئة الحقيقة (١)، وقيل: مجاز وتمثيل، وقيل: بالإلهام، وقيل: هتف به هاتف بأمر الله تعالى: {إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ} تمكين من الاختيار على الاختبار والابتلاء {وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا} من جهته {يُسْرًا} قولًا ميسورًا به يسكن بذلك ويذهب به رعبه.
{مَطْلِعَ الشَّمْسِ} نهاية المعمورة من نحو الصبا متيامنة إلى الجنوب.
{كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا} أي هي كما نقصه عليك أو بلغ مطلع الشمس كما بلغ مغربها أو لم يكن لهم من دونها سترًا كما لم يكن لأهل المغرب، قالوا -أي على لسان الترجمان-: يأجوج ومأجوج اسمان أعجميان كطالوت وجالوت وهاروت وماروت. وهؤلاء القوم وهذا الفتح الذي سدَّه ذو القرنين من نحو القطب الظاهر المحسوس الذي يسمى قطب الشمال وبلادهم باردة وفيها جبال شامخة (٢).
{مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} دليل على امتناعه عن أحد الجعل {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} بالآلاف من الرجال {رَدْمًا} حرزًا.
{زُبَرَ الْحَدِيدِ} قطع واحدتها زُبْرَة {جَعَلَهُ نَارًا} أي كالنار بالإيقاد عليه {قِطْرًا} نحاسًا مذابًا.
{أَنْ يَظْهَرُوهُ} يعلوه {نَقْبًا} ثقبًا وخرقًا.
زعم ابن المقنع أن الإسكندر كتب على السدّ: بسم الله الأعز الأكرم
(١) هذا هو الأصل أن المراد بها الحقيقة وأنها الحارة التي سخن ماؤها من حرارة الشمس، وبه قال ابن عباس - رضي الله عنهما - والحسن، ولذا كانت القراءة الثانية (حامية) وهي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وعبد الله بن مسعود وعمرو بن العاص وابن عمر وغيرهم.
الحجة في القراءات لابن خالويه (ص٢٣٠)، العكبري (٢/ ٨٥٩)، الكشف (٢/ ٧٣)،
معاني الفراء (٢/ ١٥٨).
(٢) ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن السدين هما الجبلان العظيمان من قبل أرمينية وأذربيجان. رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ٣٨٦).