للاطلاع نحوه {لَعَلِّي} أراد أن يلبس الأمر على الجهال من قومه أو لجهالته وسفهه (١)، وكأنه كان يتوهم (٢) كون السماء مقرونة بالسحاب دون الأفلاك ودون النار.
{الْمَقْبُوحِينَ} المطرودين المبعدين، وفي حديث عمار: "اسكت مقبوحًا مشقوحًا منبوحًا" (٣).
{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} فائدة النفي التنبيه على كونه -عليه السلام- مخبرًا عن الغيب الذي لا يعلمه مثله إلا بوحي إلهي (٤).
{وَلَكِنَّا كُنَّا} وجه العطف تبعيد ما بين موسى ونبينا -عليه السلام- (٥) بامتداد الزمان وتطاول العمر واستطالته وطوله (٦) بمعنى، قال الله تعالى: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} الحديد: ١٦.
{وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} أي ما أنت بالذي كان فيما بينهم {تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} فرجعت إلى عادتك {وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} إياه كما أرسلنا.
عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا} قال: لما أخذ موسى الألواح ونظر فيها قال: إلهي لقد أكرمتني (٧) بكرامة لم تكرم بها أحدًا قبلي، فأوحى الله إليه: يا موسى إني اطلعت على قلوب عبادي فلم أجد أشد تواضعًا من قلبك، اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك بجد ومحافظة وكن من الشاكرين، يعني
(١) في "ب": (الجهالة وسفرته).
(٢) في "أ": (يتوهمه).
(٣) أثر عمار ذكره ابن الأثير في النهاية (٢/ ٤٨٩) ولفظه: قال عمار لمن تناول من عائشة: "اُسْكُتْ مقبوحًا مشقوحًا منبوحًا" والمشقوح المكسور أو المُبْعَد.
(٤) في الأصل و"أ" "ب": (إلا وهي).
(٥) (السلام) ليست في "ي".
(٦) في "أ": (وقوله).
(٧) ما بين ... ليست في الأصل، وبدله (الضحاك بن مزاحم عن بكرامته).