{قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا} استفهام بمعنى الزجر والإنكار، ومحاجتهم تحتمل أوجهًا ثلاثة:
في ذات الله، كقولهم: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} (١) و {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} (٢)، و {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} (٣) و {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ} (٤) وإنه {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} (٥)، بأفواههم التراب.
والثاني: في دين الله كقولهم: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} (٦)، وقولهم لعبدة الأصنام: {هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} (٧).
والثالث: في الاختصاص برحمة الله، كقوله: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (٨) و {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} (٩).
والذي يبعد محاجتهم إقرارهم بأنَ الله ربهم متفرد بالقدم (١٠) يفعل ما يشاءُ ويحكم ما يريد ويجازي كلَّ عاملٍ بعمله.
{وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} الواو للاستئناف. وإخلاصنا هو الإخلاص بالتوحيد للهِ تعالى حيثُ لم ندَّعِ لهُ ولدًا ولا شبيهًا ولم نثبت للهِ حالا ولا محلًّا، لا كونَ العالَمِ شيئًا قبل تكوين اللهِ إياه.
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} قال مجاهد وابن أبي (١١)
(١) سورة المائدة: ١٨.
(٢) سورة المائدة: ٦٤.
(٣) سورة آل عمران: ١٨٠.
(٤) سورة الأنعام: ٩٠.
(٥) سورة المائدة: ٧٣.
(٦) سورة البقرة: ١٣٥.
(٧) سورة النساء: ٥١.
(٨) سورة البقرة: ١١١.
(٩) سورة آل عمران: ٧٥.
(١٠) في "أ": (القديم).
(١١) في جميع النسخ: (ابن نجيح) وهو خطأ.