وصفوا بها لاختلاطها في الظاهر المعقول، و (الأحلام) جمع حلم (١). وأسباب الفكرة الرؤية في اليقظة وما رآه الملك كان رؤيا لا حلمًا فجعلوه (٢) من الأحلام لقصور علمهم.
{بَعْدَ أُمَّةٍ} بعد أجل معدود، وخطاب الغلام إن توجه للملك فهو على سبيل التعظيم كقوله: {رَبِّ ارْجِعُونِ} المؤمنون: ٩٩ وإن توجه للملأ فهو ظاهر.
سألوا وقالوا: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} سموه لتوحيده أو لتأويله.
{دَأَبًا} لزومًا للزراعة واستمرارًا للعبادة جمع بين التعبير والنصيحة لأنه أراد مصالح العباد والبلاد.
{يَأْكُلْنَ} أسند الأكل إلى السنين على طريق المجاز كقولك: ليل نائم وسيوف قائمة {قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} ادخاره لأجله لأجلهن {إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} على سبيل التدريج تحرزون.
{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ} إنما توصل إلى هذا العلم؛ لأن العجاف والسنبلات اليابسات كن عددًا محصورًا فعلم أن حكم ما وراءهن بخلافهن، وهذه السنون كانت معجزة إلهية ليوسف -عليه السلام- بسببها يخلص عن إفك النسوة وكيدهن، وبها تمكن من فرعون وقومه، وبها تسلط على إخوته فعفا عنهم، وبها وجد أبويه فرفعهما على العرش، ودعا نبينا -عليه السلام- على قريش سنين كسني يوسف (٣) فابتلاهم الله بها.
(١) أي: قال الملأ الذين سألهم ملك مصر عن تعبير رؤياه: رؤياك هذه "أضغاث أحلام" يعنون أنها أخلاط رؤيا كاذبة لا حقيقة لها، فهي أحلام مختلطة. ولذا يطلق الحلم على ما لم يصدق من الرؤيا. ولذا قال عليه الصلاة والسلام: "الحلم من الشيطان".
(٢) في "أ": (فجعلوا).
(٣) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه في عدة مواضع منها: (كتاب الأذان - ١٢٨، والاستسقاء (٢)، والجهاد (٩٨)، والأنبياء (١٩)، كما أخرجه مسلم في صحيحه في عدة مواضع منها: المساجد (٢٩٤)، وأبو داود في سنة الوتر (١٠)، وغيرهم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا.