{الْعَظِيم (١٠٥) مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا ألم تعلم أَن الله على كل شَيْء قدير (١٠٦) }
والنسخ فِي اللُّغَة: رفع الشَّيْء وَإِقَامَة غَيره مقَامه. يُقَال: نسخت الشَّمْس الظل. أَي رفعته وأقامت الضياء مقَامه.
وَقد يكون بِمَعْنى رفع الشَّيْء من غير إِقَامَة غَيره مقَامه.
يُقَال: نسخت الرِّيَاح الْآثَار إِذا رفعتها من أَصْلهَا من غير شَيْء يقوم مقَامهَا. والنسخ جَائِز فِي الْجُمْلَة بِاتِّفَاق الْأمة. وَنسخ الْقُرْآن على وُجُوه:
مِنْهَا نسخ يُوجب رفع التِّلَاوَة وَالْحكم جَمِيعًا. وَذَلِكَ مثل مَا روى عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف " أَن قوما من الصَّحَابَة قَامُوا لَيْلَة ليقرءوا سُورَة فَلم يذكرُوا مِنْهَا إِلَّا قَوْله: {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَغَدوْا على النَّبِي وَأَخْبرُوهُ بذلك فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " تِلْكَ سُورَة رفعت بتلاوتها وأحكامها ".
وَقيل إِن سُورَة الْأَحْزَاب كَانَت مثل سُورَة الْبَقَرَة؛ فَرفع أَكْثَرهَا تِلَاوَة وَحكما.
وَمن النّسخ مَا يُوجب رفع التِّلَاوَة دون الحكم وَذَلِكَ مثل آيَة " الرَّجْم " رفعت تلاوتها وَبَقِي حكمهَا.
وَمِنْه مَا يُوجب رفع الحكم دون التِّلَاوَة. مثل آيَة " الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين " وَآيَة " عدَّة الْوَفَاة بالحول " وَمثلهَا آيَة " التَّخْفِيف فِي الْقِتَال " وَآيَة " الممتحنة " وَنَحْو ذَلِك.
وَمن وُجُوه النّسخ مَا يُوجب رفع الحكم وَإِقَامَة غَيره مقَامه، وَذَلِكَ مثل الْقبْلَة نسخت إِلَى الْكَعْبَة، وَالْوَصِيَّة نسخت إِلَى الْمِيرَاث، وعدة الْوَفَاة نسخت من الْحول إِلَى أَرْبَعَة أشهر وَعشرا، ومقاومة الْوَاحِد الْعشْرَة فِي الْقِتَال نسخت إِلَى مقاومة الْوَاحِد الِاثْنَيْنِ. وَنَحْو ذَلِك.