{الْمَعْرُوف ويقبضون أَيْديهم نسوا الله فنسيهم إِن الْمُنَافِقين هم الْفَاسِقُونَ (٦٧) }
وَالْآخر: أَن أَمرهم وَاحِد، وَهَذَا كَالرّجلِ يَقُول لغيره: أَنا مِنْك، يَعْنِي: أَمْرِي وأمرك وَاحِد.
{يأمرون بالمنكر} فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَن الْمُنكر: هُوَ الشّرك، وَالْمَعْرُوف: هُوَ الْإِيمَان بِاللَّه.
وَعَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي أَنه قَالَ: كل مَا ذكر من الْمُنكر فِي الْقُرْآن فَهُوَ عبَادَة الْأَوْثَان والشرك بِاللَّه.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْمُنكر: هُوَ مَعْصِيّة الله تَعَالَى، وَالْمَعْرُوف: هُوَ طَاعَة الله.
وَقَوله تَعَالَى: {وَينْهَوْنَ عَن الْمَعْرُوف} القَوْل الْمَعْرُوف أَن معنى قَوْله: {ويقبضون أَيْديهم} يمسكون عَن الْإِنْفَاق فِي سَبِيل الله.
وَالْقَوْل الثَّانِي: يقبضون أَيْديهم أَي: عَن الْجِهَاد فِي سَبِيل الله.
وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين: يَعْنِي: لَا يبسطونها للدُّعَاء وَالرَّغْبَة إِلَى الله.
قَوْله تَعَالَى: {نسوا الله فنسيهم} أَي: تركُوا أَمر الله فتركهم من رَحمته. وَرُوِيَ عَن قَتَادَة أَنه قَالَ: نسوا من الْخَيْر وَلم ينسوا من الشَّرّ.
قَوْله تَعَالَى: {إِن الْمُنَافِقين هم الْفَاسِقُونَ} يَعْنِي: هم الخارجون عَن طَاعَة الله.
وَقد صَحَّ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " عَلامَة الْمُنَافِق ثَلَاثَة: إِذا قَالَ كذب، وَإِذا ائْتمن خَان، وَإِذا وعد (خلف) ". وَفِي بعض الرِّوَايَات: " إِذا عَاهَدَ غدر ". وَفِي بعض الْأَخْبَار: " لايأتون الصَّلَاة إِلَّا دبرا وَلَا يقرءُون الْقُرْآن إِلَّا هجرا ". وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن ابْن عَبَّاس: أَن عدد الْمُنَافِقين من الرِّجَال فِي زمَان رَسُول الله كَانَ ثلثمِائة، وَعدد النِّسَاء مائَة وَسَبْعُونَ.