{عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قل لله الْمشرق وَالْمغْرب يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم (١٤٢) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون}
(هم وسط يرضى الْأَنَام بحكمهم ... إِذا نزلت إِحْدَى اللَّيَالِي بمعظم)
وَفِي الْخَبَر أَن النَّبِي قَالَ: " إِنَّكُم توفون سبعين أمة أَنْتُم خَيرهَا وأعدلها "
وَقد ورد فِي الْخَبَر عَنهُ أَنه قَالَ: " خير الدّين النمط الْأَوْسَط " يَعْنِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ غلو وَلَا تَقْصِير. وَذَلِكَ دين الْإِسْلَام؛ لِأَن النَّصَارَى غلوا فِي دينهم، وَالْيَهُود قصروا. وَأما الْمُسلمُونَ أخذُوا بالنمط الْأَوْسَط.
(لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس) وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة، حِين يسْأَل الْأُمَم عَن إبلاغ الرُّسُل، فينكرون تبليغهم الرسَالَة. فَيسْأَل الرُّسُل فَيَقُولُونَ: بلغنَا، فَيُقَال لَهُم: وَمن يشْهد لكم؟ فَيَأْتُونَ بِهَذِهِ الْأمة فَيَشْهَدُونَ لَهُم بالبلاغ. فَتَقول الْأُمَم: إِنَّهُم أَتَوا بَعدنَا فَكيف يشْهدُونَ بذلك؟ فَيسْأَل هَذِه الْأمة. فَيَقُولُونَ: أرْسلت إِلَيْنَا رَسُولا، وأنزلت علينا كتابا، وأخبرتنا فِيهِ ببلاغ الرُّسُل، وَأَنت صَادِق فِيمَا أخْبرت، فبذلك نشْهد لَهُم بالبلاغ.
(وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا) على أَعمالكُم.
وَقيل: مَعْنَاهُ مزكيا مُصدقا عَليّ شهادتكم.
قَوْله تَعَالَى: {وَمَا جعلنَا الْقبْلَة الَّتِي كنت عَلَيْهَا} أَي: مَا حولنا الْقبْلَة من بَيت الْمُقَدّس إِلَى الْكَعْبَة {إِلَّا لنعلم من يتبع الرَّسُول مِمَّن يَنْقَلِب على عَقِبَيْهِ} فَإِن قَالَ قَائِل: مَا معنى قَوْله: {إِلَّا لنعلم} وَهُوَ عَالم بالأشياء قبل كَونهَا؟