{الشَّيْطَان لما قضي الْأَمر إِن الله وَعدكُم وعد الْحق ووعدتكم فأخلفتكم وَمَا كَانَ لي عَلَيْكُم من سُلْطَان إِلَّا أَن دعوتكم فاستجبتم لي فَلَا تلوموني ولوموا أَنفسكُم مَا أَنا بمصرخكم وَمَا أَنْتُم بمصرخي إِنِّي كفرت بِمَا أشركتموني من قبل إِن الظَّالِمين لَهُم عَذَاب أَلِيم (٢٢) وَأدْخل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا}
وَقَوله: {إِن الله وَعدكُم وعد الْحق ووعدتكم فأخلفتكم} ووعد الْحق هُوَ الَّذِي يَقع الْوَفَاء بِهِ . وَقَوله: {ووعدتكم فأخلفتكم} هُوَ مَا لَا يَقع بِهِ الْوَفَاء، وَقيل: إِنَّه يَقُول لَهُم: قلت لكم لَا بعث وَلَا جنَّة وَلَا نَار، وَغير ذَلِك.
وَقَوله: {وَمَا كَانَ لي عَلَيْكُم من سُلْطَان} مَعْنَاهُ: أَنِّي لم آتكم بِحجَّة فِيمَا دعوتكم إِلَيْهِ. وَقَوله: {إِلَّا أَن دعوتكم} هَذَا اسْتثِْنَاء مُنْقَطع، وَمَعْنَاهُ: وَلَكِن دعوتكم أَي: زينت لكم. قَوْله: {فاستجبتم لي} أَي: أجبتم لي. وَقَوله: {فَلَا تلوموني ولوموا أَنفسكُم} يَعْنِي: لَا تعودوا باللائمة عَليّ، وعودوا باللائمة على أَنفسكُم.
وَقَوله: {مَا أَنا بمصرخكم وَمَا أَنْتُم بمصرخي} مَعْنَاهُ: مَا أَنا بمعينكم وَمَا أَنْتُم بمعيني، وَقيل مَعْنَاهُ : مَا أَنا بمنجيكم وَمَا أَنْتُم بمنجي، وَقَرَأَ حَمْزَة: " وَمَا أَنْتُم بمصرخي " بِكَسْر الْيَاء، وَأهل النَّحْو لَا يرضون هَذِه الْقِرَاءَة، وَذكر الْفراء شعرًا يدل على قِرَاءَة حَمْزَة. قيل: إِنَّه لُغَة بني يَرْبُوع. وَالشعر:
(قَالَ لَهَا هَل أَنْت يَا باغي ... قَالَت لَهُ مَا أَنْت بالمرضي)
وَقَوله: {إِنِّي كفرت بِمَا أشركتمون من قبل} فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: إِنِّي كفرت بجعلكم إيَّايَ شَرِيكا فِي عبَادَة الله وطاعته، وَالْقَوْل الثَّانِي: إِنِّي كفرت قبل أَن أشركتموني فِي عِبَادَته، يَعْنِي: كفرت قبل كفركم.
وَقَوله: {إِن الظَّالِمين لَهُم عَذَاب أَلِيم} أَي: وجيع.