قَوْله تَعَالَى: {وَالله جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن هَذَا فِي آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - فَإِن الله تَعَالَى خلق حَوَّاء من بعض أضلاعه.
وَالْقَوْل الثَّانِي: خلق من أَنفسكُم أَزْوَاجًا أَي: من جنسكم أَزْوَاجًا.
وَقَوله: {وَجعل لكم من أزواجكم بَنِينَ وحفدة} فِي الحفدة أَقْوَال: رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه قَالَ: هم الْأخْتَان، وَعنهُ أَيْضا أَنه قَالَ: هم الأصهار، وَمعنى الْآيَة على هَذَا القَوْل: وَجعل لكم من أزواجكم بَنِينَ وَبَنَات تزوجونهم؛ فَيحصل لكم بسببهم الْأخْتَان والأصهار.
وَعَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - وَمُجاهد وَغَيرهمَا أَنهم قَالُوا: الخدم، وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: الأعوان، وَقيل: أَوْلَاد الْأَوْلَاد، وَقيل: بَنو الْمَرْأَة من غَيره.
والحفد فِي اللُّغَة: هُوَ الْإِسْرَاع فِي الْعَمَل، وَفِي دُعَاء الْقُنُوت: وَإِلَيْك نسعى ونحفد أَي: نسرع، وَقَالَ الشَّاعِر:
(حفد الولائد حَوْلهنَّ وَأسْلمت ... بأكفهن أزمة الأجمال)
وَقيل: إِن الْبَنِينَ هم الْكِبَار، والحفدة هم الصغار، وَيُقَال: فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَمَعْنَاهُ: وَجعل لكم حفدة وَمن أزواجكم بَنِينَ. وَقَوله: {ورزقكم من الطَّيِّبَات} يَعْنِي: من النعم الْحَلَال.
وَقَوله: {أفبالباطل يُؤمنُونَ} وَهَذَا على طَرِيق الْإِنْكَار. وَقَوله: {وبنعمة الله هم