{كِلَاهُمَا فَلَا تقل لَهما أُفٍّ وَلَا تنهرهما وَقل لَهما قولا كَرِيمًا (٢٣) }
وَقَوله:: {إِمَّا يبلغان} وَقُرِئَ: " إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر " فَقَوله: {يبلغان} ينْصَرف إِلَيْهِمَا؛ فعلى هَذَا قَوْله: {أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا} على وَجه الِاسْتِئْنَاف.
وَقَوله: {يبلغن} ينْصَرف إِلَى أَحدهمَا، فَقَوله: {أَو كِلَاهُمَا} على الْبَدَل مِنْهُ.
وَقَوله: {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} قرئَ: " أُفٍّ " بِكَسْر الْفَاء، و " أُفٍّ " بِفَتْح الْفَاء، و " أُفٍّ " بِكَسْر الْفَاء والتنوين. قَالُوا: وَفِيه سِتّ لُغَات: أفًّا وأفٌّ وأفٍّ الثَّلَاثَة بِالتَّنْوِينِ، وأفَّ وأفُّ وأفِّ بِغَيْر التَّنْوِين.
قَالَ الْأَصْمَعِي: الأف وسخ الْأذن، والتف وسخ الْأَظْفَار، وَقيل: الأف وسخ الْأَظْفَار، والتف الشَّيْء الحقير، وَحَقِيقَته أَنه كلمة تقال عِنْد الضجر من الشَّيْء واستثقاله، وَقيل: الأف بِأَدْنَى مَا يتبرم بِهِ، فمنى الْآيَة: لَا يتبرم بهما، وَلَا يستثقل معالجة أذاهما. وَذكر مُجَاهِد أَنه عِنْد الْحَدث وَذكر الْبَوْل وَصَاحبه أَنه لَا يستثقل معالجتهما فِي ذَلِك؛ كَمَا لم يستثقلا معالجته.
وَقَوله: {وَلَا تنهرهما} الِانْتِهَار من النَّهر، و هُوَ الزّجر بالإغلاظ والصياح.
وَقَوله: {وَقل لَهما قولا كَرِيمًا} أَي: قولا لينًا.
وَعَن مُحَمَّد بن عَليّ الباقر قَالَ: شَرّ الْآبَاء من يحملهُ الْبر على الإفراط، وَشر الْأَبْنَاء من يحملهُ التَّقْصِير على العقوق.
وَعَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لَو علم الله شَيْئا أبلغ فِي الزّجر من قَوْله: {أُفٍّ} ، لنهى عَن ذَلِك، ثمَّ قَالَ عَليّ: ليعْمَل الْبَار مَا شَاءَ فَلَنْ يدْخل النَّار، وليعمل الْعَاق مَا يَشَاء فَلَنْ يدْخل الْجنَّة.
وَفِي الْأَخْبَار، عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " الْبر يزِيد فِي الْعُمر ". وَذكر مُسلم فِي