قَوْله تَعَالَى: {مثلهم كَمثل الَّذِي استوقد نَارا} الْآيَة. الْمثل: قَول سَائِر فِي عرف النَّاس، يعرف بِهِ معنى الشَّيْء من الشَّيْء. وَهَذَا أحد أَقسَام الْقُرْآن؛ فَإِن الْقُرْآن على سَبْعَة أَقسَام.
وَقيل مثلهم، أَي: صفتهمْ. {كَمثل الَّذِي استوقد نَارا} أوقد النَّار، واستوقد بِمَعْنى وَاحِد، كَمَا يُقَال: أجَاب، واستجاب.
وَقيل: أوقد إِذا فعل بِنَفسِهِ، واستوقد إِذا طلب الإيقاد من غَيره. {فَمَا أَضَاءَت مَا حوله} يعْنى: أَضَاءَت النَّار الموقدة حول المستوقد. ضربه مثلا لِلْمُنَافِقين وَمعنى هَذَا الْمثل قَوْله تَعَالَى: {كَمثل الَّذِي استوقد نَارا} ضربه مثلا لما أظهرُوا بِاللِّسَانِ من الْإِسْلَام.
{فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حوله} يعْنى: مَا استفادوا بذلك الْإِسْلَام الظَّاهِر من التجمل والعز والأمان فِي الدُّنْيَا.
{ذهب الله بنورهم} قيل: فِيهِ معَان: أَحدهَا: ذهب الله بِمَا أظهرُوا من الْإِسْلَام بِإِظْهَار عقيدتهم على لِسَان النَّبِي وَقيل: مَعْنَاهُ ذهب الله بنورهم، يعْنى فِي الْقَبْر. وَقيل: فِي الْقِيَامَة؛ يعْنى أَن مَا استفادوا بِهِ فِي الدُّنْيَا لَا يَنْفَعهُمْ فِي الْآخِرَة إِذا كَانَ مصيرهم إِلَى النَّار.
فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالَ: {ذهب الله بنورهم} وَلَا نور لَهُم، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور} وَلَا نور لَهُم؟ قيل: أَرَادَ بِهِ نور مَا أظهرُوا من الْإِسْلَام؛ وَذَلِكَ نوع نور.
وَقيل: قد يذكر مثله على معنى الحرمان كَمَا يُقَال: أخرجتني من صلتك، وَإِن لم