{وَمَا انتم بمعجزين فِي الأَرْض وَمَا لكم من دون الله من ولي وَلَا نصير (٣١) وَمن آيَاته}
وَالثَّانِي: أَن قَوْله: {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة} يُرَاد بهَا المعاقبة فِيمَا كسبت أَيْدِيكُم، فعلى هَذَا يجوز أَن يُصِيب الْإِنْسَان مُصِيبَة من غير ذَنْب وَلَا كسب إِذا لم يرد بهَا المعاقبة.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الْآيَة على الْعُمُوم، وَلَا يُصِيب أحدا بلَاء وَشدَّة إِلَّا بذنب سبق مِنْهُ، أَو تَنْبِيه لِئَلَّا يعْمل ذَنبا، أَو ليعتبر بِهِ ذُو ذَنْب.
وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه أَنه قَالَ: " مَا من خدش أَو عَثْرَة قدم أَو اخْتِلَاج عرق إِلَّا بذنب، وَمَا يغْفر الله أَكثر ". وَعَن الْعَلَاء بن بدر: مَا يُصِيب أحدا مُصِيبَة إِلَّا بذنب مِنْهُ، فَقيل لَهُ: كَيفَ هَذَا، وَقد عميت صَغِيرا، وَمَا كنت أعمى؟ فَقَالَ: بذنب وَالِدي.
تعلق بِهَذِهِ الْآيَة بعض من يَقُول بالتناسخ، وَقَالَ: إِنَّا نرى الْبلَاء يُصِيب الْأَطْفَال وَلم يكن مِنْهُم ذَنْب، فَدلَّ انه سبق مِنْهُم ذنُوب من قبل وعوقبوا بهَا.
وَتعلق بِهَذِهِ الْآيَة أَيْضا من يَقُول إِن الْأَطْفَال لَا يألمون أصلا فَكَذَلِك الْبَهَائِم، وَإِنَّمَا صِيَاحهمْ لأَذى قُلُوب الْوَالِدين.
وكلا الْقَوْلَيْنِ بَاطِل، وَيجوز عِنْد أهل السّنة أَن يُوجد الله الْأَلَم إِلَى مَا يَشَاء من عباده بِغَيْر ذَنْب سبق مِنْهُ، وَكَذَلِكَ على جَمِيع الْحَيَوَانَات، وَأما وَجه الْآيَة قد بَينا، وَكَذَلِكَ قَول من يَقُول: إِن الْأَطْفَال لَا يألمون بَاطِل؛ لِأَنَّهُ دفع الْحس والعيان.