قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذا جَاءَنَا} وَقُرِئَ: " جاءانا "، فَقَوله: " جَاءَنَا " هُوَ الْكَافِر وَحده، وَقَوله: " جاءانا " هُوَ الْكَافِر وقرينه الشَّيْطَان.
وَقَوله: {قَالَ يَا لَيْت بيني وَبَيْنك بعد المشرقين فبئس القرين} فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: بعد الْمشرق من الْمغرب، وسماها مشرقين على عَادَة الْعَرَب، فَإِنَّهُم يذكرُونَ شَيْئَيْنِ مُخْتَلفين ويسمونهما باسم وَاحِد، قَالَ الشَّاعِر:
(أَخذنَا بآفاق السَّمَاء عَلَيْكُم ... لنا قمراها والنجوم الطوالع)
أَي الشَّمْس وَالْقَمَر.
وَقَالَ آخر:
(وبصرة الأزد لنا وَالْعراق ... والموصلان وَمنا مصر وَالْحرم)
وَأَرَادَ بالموصلين الْموصل والجزيرة.
وروى أَن أهل الْبَصْرَة قَالُوا لعَلي رَضِي الله عَنهُ حِين حَارَبُوهُ مَعَ عَائِشَة يَوْم الْجمل: إِنَّا نطلب مِنْك سنة العمرين يَعْنِي: أَبَا بكر وَعمر، وَقَالَ جرير:
(مَا كَانَ يرضى رَسُول الله فعلهم ... والعمران أَبُو بكر وَلَا عمر)
وَالْقَوْل الثَّانِي: بعد المشرقين أَي: مشرق الشتَاء ومشرق الصَّيف.
وَقَوله: {فبئس القرين} أَي: بئس الْمُقَارن أَنْت.