{الله وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا من الصَّالِحين (٣٩) قَالَ رب أَنى يكون لي غُلَام وَقد بَلغنِي الْكبر وامرأتي عَاقِر قَالَ كَذَلِك الله يفعل مَا يَشَاء (٤٠) قَالَ رب اجْعَل لي آيَة قَالَ}
قصيدته، فَلَمَّا حصلت القصيدة بكلمته سمى ذَلِك كلمة.
قَوْله: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا من الصَّالِحين} أما السَّيِّد: قَالَ سعيد بن جُبَير: السَّيِّد: التقي، وَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ الْكَرِيم، وَقيل: هُوَ الْعَلِيم الَّذِي لَا يغضبه شَيْء، وَقيل: هُوَ الَّذِي يفوق قومه فِي جَمِيع خِصَال الْخَيْر.
والحصور: قَالَ سعيد بن جُبَير وَمُجاهد وَالضَّحَّاك وَعَطَاء وَجَمَاعَة: هُوَ الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاء، والحصور بِمَعْنى: المحصور، وَكَانَ مَمْنُوعًا من النِّسَاء، وَهُوَ مثل قَول الشَّاعِر
(فِيهَا اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ حلوبة ... سُودًا كخافية الْغُرَاب الأسحم)
فالحلوبة بِمَعْنى: المحلوب، وَقَالَ سعيد بن الْمسيب: كَانَ لَهُ مثل هدبة الثَّوْب، وَقد تزوج مَعَ ذَلِك؛ ليَكُون أَغضّ لبصره، وَقَالَ الشّعبِيّ: الحصور الْعنين، وَفِيه قَول آخر: الحصور: هُوَ الْمُمْتَنع من الْوَطْء مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ، وَهَذَا يُوَافق قَول الشَّافِعِي فِي مَسْأَلَة التخلي لعبادة الله.
واختاروا هَذَا القَوْل لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: أَنه يكون أقرب إِلَى اسْتِحْقَاق الثَّنَاء، لِأَن الْكَلَام خرج مخرج الثَّنَاء.
وَالثَّانِي: أَنه يكون أبعد من إِلْحَاق الآفة بالأنبياء؛ لبعدهم عَن الْآفَات.