قَوْله تَعَالَى: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس: عَن الْأَمر الشَّديد، وَفِي هَذِه الرِّوَايَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: إِذا أشكل عَلَيْكُم الْقُرْآن فالتمسوه فِي الشّعْر، فَإِنَّهُ ديوَان الْعَرَب، وَأنْشد:
(وَقَامَت الْحَرْب بِنَا على سَاق ... )
وَهَذَا قَول مَعْرُوف، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: كَانَت الْعَرَب إِذا اشْتَدَّ بهم الْأَمر عبروا بِهَذَا اللَّفْظ؛ لِأَن الْإِنْسَان إِذا وَقع لَهُ الْأَمر وَأَخذه بجد وَجهد يَقُول: شمر عَن سَاقه، فَوضعت السَّاق مَوضِع الشدَّة.
قَالَ الشَّاعِر:
(أَخُو الْحَرْب إِن عضت بِهِ الْحَرْب عضها ... وَإِن شمرت عَن سَاقهَا الْحَرْب شمرا)
وَقَالَ دُرَيْد بن الصمَّة:
(كميش الْإِزَار خَارج نصف سَاقه ... صبور على العوراء (طلاع) أنجد)
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَن ابْن عَبَّاس: يَوْم يكْشف عَن سَاق أَي: عَن هول وكربة وَشدَّة، وَهُوَ بِمَعْنى الأول.
وَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ أول سَاعَة من سَاعَات الْقِيَامَة، وَهِي أفظعها وأشدها على النَّاس.
هَذَا كُله قَول وَاحِد.
وروى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يكْشف رَبنَا عَن سَاقه فَيسْجد كل مُؤمن ومؤمنة، وَيذْهب المُنَافِقُونَ ليسجدوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ".
وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ نَحوا من هَذَا.
وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: يَوْم يكْشف عَن سَاق أَي: السّتْر بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
وَيُقَال: الغطاء بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، ومعناهما قريب.