{سُبْحَانَكَ لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا إِنَّك أَنْت الْعَلِيم الْحَكِيم (٣٢) قَالَ يَا آدم أنبئهم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أنبأهم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ ألم أقل لكم إِنِّي أعلم غيب} كَثْرَة حملهَا.
وَفِي قَوْله: {اسجدوا لآدَم} قَولَانِ أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهُ اسجدوا إِلَى آدم، فَيكون آدم كالقبلة. وَالسُّجُود لله تَعَالَى.
وَالأَصَح: أَن السُّجُود كَانَ لآدَم على الْحَقِيقَة. وتضمن معنى الطَّاعَة لله تَعَالَى بامتثال أمره فِيهِ. فعلى هَذَا يكون السُّجُود لآدَم على سَبِيل التَّحِيَّة لَهُ. وَهُوَ كسجود إخْوَة يُوسُف ليوسف بِمَعْنى التَّحِيَّة لَهُ. ثمَّ نقل ذَلِك إِلَى السَّلَام بَين الْمُسلمين.
{فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس} قَالَ بَعضهم: إِبْلِيس مُشْتَقّ من الإبلاس. وَهُوَ الْيَأْس من الْخَيْر، قَالَ الشَّاعِر:
(يَا صَاح هَل تعرف (رسما) مكرسا ... قَالَ: نعم أعرفهُ وأبلسا)
وَقيل: هُوَ اسْم أعجمي مُعرب لَا اشتقاق لَهُ وَلذَلِك لَا ينْصَرف.
وَاخْتلفُوا فِي إِبْلِيس، وَالَّذِي قَالَه ابْن عَبَّاس وَأكْثر الْمُفَسّرين: أَنه كَانَ من الْمَلَائِكَة.
وَقَالَ الْحس: كَانَ من الْجِنّ لقَوْله تَعَالَى {كَانَ من الْجِنّ ففسق عَن أَمر ربه} وَلِأَنَّهُ خلق من النَّار، وَالْمَلَائِكَة خلقُوا من النُّور، وَلِأَن لَهُ ذُرِّيَّة وَلَا ذُرِّيَّة للْمَلَائكَة.
وَالأَصَح أَنه كَانَ من الْمَلَائِكَة لِأَن خطاب السُّجُود كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَة.
وَأما قَوْله: {كَانَ من الْجِنّ} قيل: إِن فرقة من الْمَلَائِكَة سموا جنا خلقهمْ الله تَعَالَى من النَّار. وَعَلِيهِ دلّ قَوْله تَعَالَى: {وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا} .
حَيْثُ قَالُوا الْمَلَائِكَة بَنَات الله. فسماهم جنَّة. وَإِنَّمَا سموا جنا لاستتارهم عَن الْأَعْين.
وإبليس كَانَ من ذَلِك الْقَبِيل. وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ ذُرِّيَّة؛ لِأَنَّهُ أخرجه من الْمَلَائِكَة ثمَّ جعل