قوله تعالى:
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} " الآية (٤٣) - سورة البقرة.
قد تقدم الكلام في إقامة الصلاة، فأما الزكاة، فأصلها من: " زكا الزرع، فهي بالنظر، العامي: تثمير المال باستجلاب تركه الله - عز وجل -، وبالنظر الخاصي: تتميز النفس، وهو تطهيرها بإخراج الحقوق من المال.
والتزكية قد تقال في المقال، نحو: " زكيت فلاناً، وعلى ذلك قوله: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ}، وذلك نهي عن الثناء على النفس، فإنه من المستقبح بالعقل والششرع، ولذلك قيل لحكيم:
ما الذي لا يجسن وإن كان حقاً؟ فقال: مدح الرجل نفسه.
وقد تقال التزكية في الفعال، وهي ما يقتضي تظهير النفس المدعو إليه بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
وقلما حث الله تعالى على إقامة الصلاة، أو مدح بها، إلا قرن بها إيتاء الزكاة، فبهما يتم الإيمان، وعليها دل قوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}، وقوله: {ارْكَعُوا} حث على الخضوع وتذرع الخشوع، ويصح أن يكون مع ذلك - حثاً على مراعاة الجماعات في الصوات والاجتماع مع المؤمنين في كل مأمور به نحو قوله تعالى:
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، ولذلك قال: {مَعَ الرَّاكِعِينَ}