والنور: عبارة عن العلم والإيمان والظلمة عن ضدهما، ووجه ذلك أنه لما كان للإنسان نظرات بنظر وتبصر، ويرى بهما البصر الحاس في الرأس والبصيرة في القلب، فكما أن البصر لا يستغنى في إدراك ما يدركه من المعقولات عن نور يمده وهو نور التوفيق والإيمان، ويقال لفقد البصرين عمى، ولفقد النورين ظلمة، وأعظمهما ضرراً فقد البصيرة ونور العقل، ولهذا قال تعالى:
{فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} فلم يعد فقد البصر عمى.
بالإضافة إلى فقد البصيرة، وقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} وقوله: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} وقوله: {مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} يعني بذلك كلا النورين والظلمتين،
إن قيل: وهل هذا النور موهبة أو مكتسب؟
قيل: لا شك في كونه موهبة، لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} لكن فيه للاكتساب حظ، فإن ابتداء ما يحصل ذلك للإنسان كشررة، متى لم ترع همدت، وإذا روعيت زادت، كما قال: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} بين تعالى إن الله عز وجل - يوالي المؤمنين بأن يوفقهم ويهديهم، وهم يوالونه بأن يشكروه ويعبدوه، كما قال تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} فهو يخرجهم من الجهل والكفر إلى العلم والإيمان والثواب والكافرون، يواليهم الشيطان في إخراجهم إلى أضداد ذلك
إن قيل: لم قال: أولياؤهم وما يفعل بهم الطاغوت هو بالمعاداة أشبه منه بالموالاة؟
قيل: لعمري إن ذلك نهاية المعاداة وتسميته بالموالاة أولى لمقابلة اللفظ، وثانياً: لتحريهم ما يقع بوفاقه، وميلهم إلى حزبه، فجعله موالاهم في اللفظ لا في الحقيقة، ألا ترى أنه قال: {أَلَمْ