إن قيل: كيف نظم هذه الآية مع ما قبلها؟
قيل: لما قرر عظمته بالآية المتقدمة، بين في هذه أن الذي له العظمة هو مولى المؤمنين تشريفاً لهم، وتعظيمه لمكانتهم، وأن الشيطان مولى الكافرين تدليلاً لهم، فقد قالت العرب:
" أشرف الموالي لي أشرفهم سيداً، أكرم السائلين أكرمهم مسؤولاً ".
وعلى هذا قال الشاعر:
يضع الزيارة حيث لا يزري بنا ...
شرف المزور ولا بحسب الزور
قوله- عز وجل:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
الآية: (٢٥٨) - سورة البقرة.
المحاجة: المقاومة في إظهار الحجة، أي محجة الرشد، والشمس اشتق عنها شمس فلان إذا نفر تشبيها بالشمس التي لا يمكن أن يقبض عليها، وعلى ذلك قوله:
كالشمس ضوؤها قريب ولكن في تناولها بُعْدُ وقيل: شمس إذا عادى ..
وذاك أن حقيقة المعاداة تنافر طبع المتعاديين بعضلها من بعض من عداه إذا تجاوزه، والشمسة في القلادة تشبيها في الحسن والهيئة، والبهت أن تفعل بالإنسان ما يحيره، وسمي الكذب المستقبل به الإنسان بهتانا، لتحير صاحبه فيه ..
والذي حاج إبراهيم في ربه، قيل كان نمرود بن كنعان، وكان قد ملك الدنيا، ويقال: إنه ما