فسماهما شهيدين، قيل: إن استشهد وبين قوله: {وَلَا تَسْأَمُوا} إن قليل الدين وكثيره يستحب كتابته وبين علة ذلك بقوله: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} أي أعدل، وأقوم للشهادة أي أثبت، {وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} أي أبعد من أن تقع شبهة ثم استثنى ما كان حاضرة، وخفف الأمر فيما لا أجل فيه وما لا يكون له ثبات في مكان كما الدور والعقار، نحو الطعام والشراب، وقوله: {وأشهدوا إذا تبايعتم} قيل: " هو يرجع إلى الأول دون ما يكون تجارة حاضرة، وقيل: يرجع إلى الكل حتى قال بعضهم.
يشهد على سامع حتى على ناقة.
قيل وقوله: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} قرئ بفتح الراء " لا يضارر " بأن يدعي وهو مشغول، عن ابن مسعود ومجاهد، وقيل: ة هو يضار، أن: لا يمتنع الكاتب من الكتابة، والشهيد من، إقامة الشهادة عن الحسين وقتادة وابن زيد، لئلأ يؤدي إلي أبطال الحقوق، وقوله: {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} خطاب للجميع على سبيل الوعيد، وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} إعادة للوصية،
إن قيل: كيف قال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وكرر لفظ (الله) ثلاث متواليات ولم يعدل إلى الكناية، وهل ذلك في استقباح خط الإعادة لولا شرف لفظ (الله).
كقول الشاعر: " فما للنوى جد النوى قطع النوى "
حتى قيل: " سلط الله على هذا البيت شاة ترعى منه النوى "،
وكقول الأخر:
بجهل كجهل السيف والسيف منتضي ...
وحلم كحلم السيف والسيف مغمد
فاسترذل البيت لإعادة لفظ " السيف " مراراً ...
، قيل: إن ذلك بعيد عن الآية، فإن البيت الأولى استقبح لا لإعادة النوى فقط، بل له، ولأن قول " جذ النوى قطع النوى " بمنزلة واحدة، ولهذا الباب