لقوله: (ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) ولما لم يكن للإِنسان
سبيل إلى ذلك إلا بحسن، عبادته صار ذلك حقّا على الناس.
ولذلك أكَّد لفظه، وخصّه بما لم يخص به شيئاً من العبادات.
فقال (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ).
وقال بعض الصوفية: في الحج إشارات اقتضت تأكيد لفظ الأمر به.
وذاك أن في العقد به إشارة إلى معاقدة الولاء المعني بقوله: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا)، وبالتلبية إلى الإِجابة له فيما دعا إليه، وبالتجرد إلى التجرد من
الدنيا، وأنه عاد كما خرج من بطن أمه، وبالوقوف إلى الوقوف
ببابه، وبالسعي إلى السعي إليه، وبالطواف إلى محلِّ القربة
منه، قال: ولذلك حقّ على المسلم أن يتغير حاله بعد حجه
عما كان عليه قبل، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: " من حج فلم يفسق ولم يرفث كان كيوم ولدته أمه "، يعني لم يفسق ولم يرفث بعد رجوعه من