وجاء في الخبر: "أرواحُ الشهداء في أجوافِ طيرٍ خُضرٍ تسرحُ في الجنةِ".
واستبعد هذا قوم، وليس فيه استبعاد، لأن حياتهم ورزقهم وفرحهم في القبر
مع امتناع أجسامهم عن التصرف تشبه حال النائم، وقد قال الله: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) ، ثم إنه يرى في نومه أنه يأكل ويشرب ويفرح
ويغتم، وجثته غير متصرفة كنكاح النائم.
والغريب: ما ذكره القفال: (بَلْ أَحْيَاءٌ) ، أي سيحيون فيثابون، وقال
أيضا: لا تقولوا أموات بل هم أحياء في الدين، وهذا كقوله: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ) ، وقال أيضاً: نهوا أن يقولوا للشهداء أموات وأمروا أن
يسموهم "شُهداء" حرمة لهم.
قوله: (وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ)
أي تُحسون بحياتهم: والشعر: علم يحصل بطريق الحواس الخمس.
قوله: (بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ) .
أراد بشيءٍ من الخوف وشيء من الجوع، وشيء من نقص الأموال
والأنفس والثمرات، ولم يقل بأشياء، كيلا يتوهم أنه بأشياء من كل واحد.
(الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) .
يجوز أن يكون نصباً على الصفة، ويجوز أن يكونَ مبتدأ.
(أُولَئِكَ) خبره.
قوله: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) .
أي مغفرة، وقيل: ثناء حسن، وقيل: رحمة بعد رحمةِ.