(فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) .
و"التاء" محمول على الخطاب، أي ترون أيها المخاطبون، وهم اليهود الفئة الكافرة مثلي المؤمنين، وكانت الغلبة للمؤمنين.
الغريب: قول الفراء: المراد بقوله: (مِثْلَيْهِمْ) ثلاثة أمثالهم.
قال: وهذا كما تقول: عندي ألف، وأنا محتاج إلى مثليه. أي إلى ثلاثة
آلاف، أي يرون الفئة الكافرة ثلاثة أمثال المؤمنين، ثم كانت النصرة والغلبة
للمؤمنين.
والعجيب: قول من قال: ترى الفئة الكافرة المؤمنين مثلي الكافرين.
أو ثلاثة أمثالهم، واللفظ يحتمل، ويأباه النص، وهو قوله: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) (١)
والرؤيةُ رؤيةُ العَين، لقوله: (رَأْيَ الْعَيْنِ) .
والرأي والرؤية والرؤيا، مصادر رأيت، والضمير المفعول.
(مِثْلَيْهِمْ) حال، وقيل من رؤية العلم، والضمير المفعول الأول: (مِثْلَيْهِمْ)
المفعول الثاني، و (رَأْيَ الْعَيْنِ) صفة مصدر محذوف، أي رؤية مثل (رَأْيَ الْعَيْنِ) ، ومنزلة منزلها.
قوله: (وَالْقَنَاطِيرِ) .
جمع قنطار، والقنطار: ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم، عن
(١) قال شيخ الإسلام / زكريا الأنصاري
قوله تعالى: (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ العَيْنِ..) .
أي ترى الفئةُ الكافرةُ المسلمةَ بمثليْ عدد نفسها، أو بالعكس على الخلاف.
إن قلتَ: هذا ينافي قوله في الأنفال " وإذْ يريكموهُمْ إِذِ التقيتُم في أعينكُمْ قَليلاً وُيقلِّلُكُمْ في أعينِهمْ " إذ قضيَّتُه أن كلاً منهما ترى الأخرى قليلة؟
قلتُ: التقليلُ والتَّكثيرُ في حاليْنِ:
قلَّلَ اللهُ المشركين في نظر المؤمنين، وعكسه أولاً، حتى اجترأت كلٌّ منهما على قتال الأخرى.
ثمَّ كثر اللهُ المؤمنين في نظر المشركين لما التقتا، حتى جَبُنوا وفَشِلوا.
وكثر الله المشركين في نظر المؤمنين، وأراهم إيَّاهم على ما هم عليه - وكانوا في الحقيقة أكثر من المؤمنين - ليعلموا صدق وعد الله في قوله " فإن يكنْ منكم مائةٌ صابِرَةٌ يَغْلبوا مائتين " فإن المؤمنين غلبوهم في هذه الغَزَاةِ وهي " غَزَاةُ بدرٍ " مع أنهم كانوا أضعاف عدد المؤمنين. اهـ (فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن. ص: ٨١.