فإنه ابتدأ كلام منه فحسن التأكيد بقوله: "هُوَ" يصير المبتدأ مقصوراً على
الخبر المذكور في الآية، وهو إثبات الربوبية ونفي الأبوة - تعالى الله - عن ذلك.
سؤال: لِمَ قال في هذه السورة (بأنَّا) بحذف النون، وفي المائدة (بأنَّنَا) ؟
الجواب: لأن ما في المائدة أول كلام الحواريين، فجاء على
الأصل، والثاني حكاية كلامهم، فجاء فيه التخفيف، لأن التخفيف فرع عن الأصل، والحكاية فرع عن الشيء السابق، والنون المحذوف من "أنَّا" غير النون المحذوف من إني، فإن المحذوف من "أنَّا" أحد نوني أن، والمحذوف
من إنني هو الذي يقع قتل ياء الضمير في ضربني، بدليل: ليتني ولعل.
قوله: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ) .
أضاف المكر إليه سبحانه ازدواجا للكلام، وقد سبق.
الزجاج هو استدراج الله إياهم من حيث لا يعلمون، وقيل: مكره إبطال مكرهم.
الغريب: قال ابن حبيب: سأل رجل الجنيد، كيف رضي سبحانه
المكر لنفسه، وقد عاب به غيره، فقال: لا أدري ما تقول ولكن أنشدني فلان الطبراني:
فَديتُكَ قد جُبِلت على هَواكا. . . فَنَفْسي لا تُنازِعني سواكا
أحِبُّك لا ببَعْضِي بَلْ بِكلي. . . وإن لم يُبقِ حُبُّكَ لي حِراكا
ويَقْبُحُ من سواكَ الفعل عندي. . . وتَفعلهُ فيحسن مثلُ ذاكا