حكم كل مضاف إلى معرفة أنْ يصير معرفة، وإنَّما تنكر "غير" و "مثل" مع
إضافتهما إلى المعارف، من أجل معناهما، وهو الشياع والعموم، لأنك إذا
قلت: جاءني غيرك، فكل شيء سوى المخاطب غيره، فأما إذا كان
الشيء معرفة وله ضد واحد، ثم أضفت إلى ذلك الضد كان معرفة لا
محالة، نحو عليك بالحركة غير السكون، والمنعم عليهم ضدهم المغضوب
عليهم فغير المغضوب عليهم معرفة.
وذهب غيره، إلى أنَه مجرور بالبدل، وقال بعضهم: لماكان الذين أنعمت عليهم لم يقصد بهم قصد أشخاص بأعيانهم قرب من النكرة , (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) وإن كان نكرة قريب من المعرفة للإضافة إلى المعرفة فتوافقا.
(وَلَا الضَّالِّينَ) .
قال الكوفيون: "لا" بمعنى غير، وتقديره، غير المغضوب عليهم
وغير الضالين. وقال البصريون، "لا" زائدة، زيدت لِتَضَمّن غير معنى
النفي، ولهذا جاز أنا زيداً غير ضارب، ولم يجز أنا زيداً مثل ضارب.
والمضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، لأن ذلك محمول على
المعنى، تقديره: أنا زيداً لست بضارب.
وفي الفائدة في زيادة "لا" ثلاثة أقوال:
أحدها، ليعلم قطعاً أنَّه معطوف على المغضوب عليهم، لا على
الذين أنعمت عليهم، لأنَّ اللفظ يحمل ذلك، وإنْ كان المعنى يأباه، ألا
ترى أنك إذا قلت مررت بالقوم غير زيد والأمير، جاز أن يكون الأمير مجرورا بالعطف على زيد، وجاز أنْ يكون معطوفا على القوم. والثاني: لزوال توهم أنه وصف للمغضوب عليهم، لأن العرب قد تعطف النعت بالواو تقول: مررت بزيد الفقيه والأديب والشاعر.
قال: