عن مثل ذلك، ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - عن آخرهم لم يكونوا
يرضون به لو كان غلطا.
(فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ) .
أي إيمانا خيراً لكم، وقيل: وأتُوا خيراً لكم، وقيل: آمنوا الإيمان خيرا
لكم. فهو حال من مصدر مقدر وهو الغريب (١) .
والعجيب: قول من قال: ليكون الإيمان خيراً لكم، ولا يجوز عند
البصريين، إضمار كان واسم كان، لا يجوز زيداً المقتول، أي كن زيداً المقتول.
قوله: (وَرُوحٌ مِنْهُ) صفة لعيسى.
الغريب: (وَرُوحٌ) جبريل، قال: وهو عطف على الضمير في " ألقَاهَا".
قوله: (وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) أي من رحمتِهِ.
الغريب: استدل قوم بهذه الآية على: أن الملائكة خير من الإنس كلهم، وقالوا: هذا كما تقول: هذا لا يعرف زيداً ولا شيخه، فقد فضلت
شيخه عليه.
الجواب هذا إذا لم تقدم ذكر شيخه، أما إذا تقدم فلا، وقد
تقدم ذكر الملائكة في قولهم "الملائكة بنات الله " و "عيسى ابن الله"
فأجاب الله (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) ، وجواب آخر: أي ولا الملائكة المقربون بكثرتهم، فتكون لهم المرتبة عليهم بالكثرة لا بالفضل.
قوله: (إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) .
مفعول به، وقيل: حال عن الصراط.
الغريب: ذا صراط، لحذف المضاف، ونصب على الحال من الضمير.
(١) قال السمين:
قوله: {خَيْراً لَّكُمْ} في نصبه أربعة أوجه، أحدها - وهو مذهب الخليل وسيبويه - أنه منصوبٌ بفعلٍ محذوفٍ واجبِ الإِضمار تقديره: وأتوا خيراً لكم، لأنه لَمَّا أمرهم بالإِيمان / فهو يريدُ إخراجَهم من أمر وإدخالَهم فيما هو خيرٌ منه، ولم يذكر الزمخشري غيره قال: «وذلك أنه لمَّا بعثهَم على الإِيمان وعلى الانتهاءِ من التثليث علم أنه يَحْمِلُهم على أمر فقال: خيراً لكم، أي: اقصِدوا وأتوا أمراً خيراً لكم مما أنتم فيه من الكفر والتثلث» . الثاني: - وهو مذهب الفراء- أنه نعت لمصدر محذوف أي: فآمنوا إيماناً خيراً لكم. وفيه نظر، من حيث أنه يُفْهِم أنَّ الإِيمان منقسم إلى خير وغيره، وإلاَّ لم يكنْ لتقييده بالصفةِ فائدةٌ، وقد يُقال: إنه قد يكون لا يقول بمفهوم الصفة، وأيضاً فإن الصفة قد تأتي للتأكيد وغيره ذلك. الثالث: - وهو مذهب الكسائي وأبي عبيد - أنه منصوبٌ على خبرِ «كان» المضمرةِ تقديرُه: يكنِ الإِيمانُ خيراً. وقد ردَّ بعضُهم هذا المذهب بأن «كان» لا تُحْذَف مع اسمها دونَ خبرها إلا فيما لا بد له منه، ويزيد ذلك ضعفاً أنَّ «يكن» المقدرةَ جوابُ شرط محذوف فيصير المحذوفَ الشرطُ وجوابُه، يعني أنَّ التقديرَ: إنْ تؤمنوا يكنِ الإِيمانُ خيراً، فَحَذفْتَ الشرطَ وهو «إنْ تؤمنوا» وجوابَه، وهو «يكن الإِيمان» ، وأبقيتَ معمولَ الجواب وهو «خيراً» وقد يقال: إنه لا يُحتاج إلى إضمار شرطٍ صناعي وإن كان المعنى عليه، لأنَّا نَدَّعي أن الجزم في «يكن» المقدرةِ إنما هو بنفس جملة الأمر التي قبله وهو وقوله: {فَآمِنُواْ} من غير تقدير حرفِ شرط ولا فعلٍ له، وهو الصحيح في الأجوبة الواقعة لأحد الأشياء السبعة، تقول: «قم أكرمْك» ف «أكرمك» جواب مجزوم بنفس «قم» لتضمُّن هذا الطلبِ معنى الشرط من غير تقدير شرط صناعي. الرابع: - والظاهرُ فساده- أنه منصوبٌ على الحال، نقله مكي عن بعض الكوفيين، قال: «وهو بعيد» ونقله أبو البقاء أيضاً ولم يَعْزُه. اهـ (الدر المصون) .