قوله: (اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ) .
أما استمتاع الإنس بالجن، فهو أن العرب إذا نزلت وادياً أو سلكوا
مفازة استعاذوا بالجن، وقالوا نعوذ بسيد هذا الوادي من شرِّ سفهاء قومه.
وكانوا يعتقدون أن الأرض ملئت جناً، وإن لم يُدْخِله جني في جواره خَبّلَهُ
الآخرون، وكذلك إذا قتلوا صيدا استعاذوا بهم، لأنهم يعتقدون أن هذه
البهائم للجن منها مراكبهم هو ما كانوا يأخذونه من الجن بالإنس، فهو
إغواؤهم وإضلالهم، وقيل: هو قولهم: لقد سدنا الجن والإنس، وقيل:
معنى استمتع بعضنا ببعض، بعض الإنس ببعض الإنس.
قوله: (النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا)
لا يخلو "مثوى" من أن يكون مصدرا أو مكاناً، فإن جعلته مصدرا امتنع أن يكون خبراً عن النار، وإن جعلته ظرفاً امتنع أن يعمل في الحال، والوجه أن يجعل مصدراً ليعمل في الحال ويضمر ذات فيقال النار ذات مثواكم، ليصلح أن يكون خبراً.
قوله: (إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ)
قيل: قبل الدخول، وقيل: سوى ما شاء الله، وقيل: إلا ما شاء الله من الزيادة في العذاب والنكال.
الغريب والعجيب: ابن عباس: جعل أمرهم في مبلغ عذابهم
ومدته إلى مشيئة الله، حتى لا يحكم في خلقه أحد.
قوله: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا) .
أي نسلط بعضهم على بعض من التولية.
قتادة: هو الموالاة، أي نتبع بعضهم بعضا في النار.
وقيل: من الولاية، المؤمن ولي المؤمن، حيث كان، والكافر ولي الكافِر حيث كان، وقيل: نكل بعضهم إلى بعض.