رفعا بالخبر، أي هم الذين، ويجوز أن يكون نصباً على المدح، بإضمار
أعني، ويجوز أن يرتفعا بالابتداء.
و"أولئك" الخبر، ويجوز أنْ يكون، "والذين" قطعا للأول رفعاً بالابتداء، "أولئك" خبره.
قوله: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
فيه سؤالان، أحدهما: للملحدة، وهو: أنهم قالوا: الكافر أيضاً ينفق من رزقه، والثاني للقدرية، وهو: أنهم قالوا: إنَّ الله مدحهم على إنفاقهم من رزقهم، فدل على أن الحرام ليس برزق.
والجواب عن الأول من وجهين:
أحدهما: أنَّ الإنفاق في الآية الزكاة والصدقة، وليس ذلك من فعل الكفار، والثاني: أن الكافر لا يقر بأنه ينفق من رزق الله بخلاف المؤمن.
والجواب عن الثاني: أن الرزق قد يكون حلالاً، وهو ما يكون من ملكك، وقد يكون حراما، وهو ما يكون من ملك غيرك، ولا يزول عنه اسم الرزق لامتناعه عن الدخول في الملك، فإن البهائم مرزوقة، وإنْ لم يكن لها ملك.
(وَبِالْآخِرَةِ) .
أي بالدار الآخرة، وقيل: بالنشأة الآخرة، وسميت الآخرة، لأنَّها
تأخرت عن الخلق، كما سميت الأولى دنيا لدنوها منهم، وقيل: لتأخرها عن
الدار الأولى.
(يوقنون)
فيه زيادة وصف لم يدخل تحت الِإيمان، لأن المقلد مؤمن غير موقن، واليقين علم يحصل بالدليل.
قوله: (أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ) .
أعاد ذكر الهدى، وكان في ذكر الأولى معنى، لبيان أن الهدى
المذكور من الله لا من غيره، كما زعم بعضهم، أنَّ الهدى من عند أنفسهم.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ) .