قوله: (ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي) .
نزلت في جد بن قيس المنافق، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "هل لك في جلاد بني الأصفر - يعني الروم - تتخذ منها سراري ووصفاء"، فقال يا رسول الله: لفد عرف قومي أني رجل مغرم بالنساء، وإني أخشى إن رأيت بنات بني الأصفر أن لا أصبر عنهن، فلا تفتني بهذا، فأنزل الله هذه الآية.
وكان الأصفر رجلاً من الحبشة، ملك الروم، فاتخذ من نسائهم كل وضيئة
حسناء، فولدن له بنين وبنات، وأخذن من بياض الروم وسواد الحبشة، فكُنَّ ضفراً لُعْساً يضرب بهن المثل في الحسن.
قوله: (أَوْ بِأَيْدِينَا) .
يجوز أن يكون عطفاً على "بِعَذَابٍ"، أي نتربص بكم أن يصيبكم الله
بعذاب من عنده بقارعة عظيمة أو موت، أو يصيبكم بأيدينا، أي يأمرنا
بقتالكم، ويجوز أن يكون عطفاً على قوله: (مِنْ عِنْدِهِ) أي عذاب من
عنده، أو عذاب بأيدينا، المعنى فيهما واحد، والتقدير مختلف.
قوله: (كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) .
سؤال: لِمَ زاد "باء" في قوله (وَبِرَسُولِهِ) وحذفها من قوله: (كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا) ، وكلاهما في هذه السورة؟
الجواب: لأن الكلام في الآية الأولى إيجاب بعد نفي، وهو الغاية في باب التأكيد، وهو قوله: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) ، فأكد أيضاً المعطوف على الله بتكرار "الباء" ليكون الكل على منهاج واحد.
وليس كذلك الآيتان بعدهما، فإنهما خَلَتا من التأكيد بالإيجاب بعد النفي.