الثاني: أن هذا عام فيمن يدعو على نفسه وأعِزَّتِهِ حالة ضجره وملاله ولا
يريد وقوع شيء منه.
قوله: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا) .
تقدير الآية: دعانا مضطجعا، فالثلاث أحوال، وذو الحال مفسر في
دعانا، والعامل (مَسَّ) أي: (مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا) دعانا.
قوله: (كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ) ، أي استمر
على كفره معرضاً عن الشكر.
الغريب: مَرَّ كَأَنْ لَمْ يكن به ضرر، أي معافى، ثم لم يشكرنا عليه.
والمشكل في الآية: أن إذا للاستقبال.
وقوله: (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ) للماضي، ووجهه أنه أتى بالماضي والمستقبل إعلاما أنه هكذا كان، وهكذا يكون، فدل كل لفظ منهما على زمان غير الأول، وقيل: هذه ألفاظ مثستقة من مصدر، وجاز وقوع كل واحد منهما موقع الآخر إذا لم يورث التباساً.
قوله: (وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ) .
أي لا أعلمكم الله، والدرية والدراية التأني والتحمل لعلم الشيء.
وداريت الرجل لايَنْته وختلته، والدرِية - فيمن لم يهمز - من هذا، وهو
الحمل الذي يستتر به الصائد.
الغريب: قال أبو علي: فعلى هذا لا يسوغ في وصف الله الداري.
قال: وقول الشاعر:
لا هُمَّ لا أدري وأنتَ الداري.
محمول على الازدواج، كقول الله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)