الأرض تبعاً، ولم يذكر من فيها استخفافا بالكفار والأصنام، وأما في سورة
الحج، فقد تقدم ذكر ما خلق الله على العموم فلم يكن فيه ذكر الملائكة ولا
الإنس بالصريح، فاقتضى للآية ما في السماوات وما في الأرض، فختم كل
آية بما اقتضاه أول الآية.
قوله: (أَنْزَلَ) .
أي الله، وقيل: يعود إلى ما قبله، وهو الواحد القهار، "مِنَ السَّمَاءِ"
من السحاب، وقيل: من جانب السماء، وقيل: من سماء الملائكة، "ماء"
مطراً، "فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ" جمع واد، وهو الموضع الذي فيه الماء بكثرة.
قوله:
(بِقَدَرِهَا)
في الصغر والكبر، والقدر: اتزان الشيء بغيره من غير زيادة ولا
نقصان، وقيل: بقدرها: ملئها. الزجاج: ما قدر لها من ملئها، وهو الغريب.
قوله: (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا) ، رَفَعَ زبداً، وهو وضر الغليان وخبثه.
"رَابِيًا" عالياً.
الغريب: "رَابِيًا"، زائدا بانتفاخِهِ.
وهذا مثل ضربه الله للقرآن والقلوب والحق والباطل، فالماء مثل
القرآن، والأودية مثل القلوب، ومعنى "بقدرها" على سعة القلوب وضيقها، فمنها ما انتفع به فحفظه ووعاه فتدبره، فطهرت ثمرته وأدرك تأويله ومعناه، ومنها دون ذلك بطبقة، ومنها دون ذلك بطبقات، والزَبَد مثل الشكوك والشبه وإنكار الكافرين إنه كلام الله، والماء الصافي المنتفع به مثل الحق.
قوله: (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ)
يريد الفِلِزّات كالذهب والفضة والرصاص والصفر والحديد والنحاس، ومعنى توقدون عليه في النار عند الجمهور: تلقون عليه الحطب في النار تحته. قال أبو علي في كتاب الحجة: "عليه" من صلة "توقدون" كقوله: (فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ) .