بالفاء، لأن الفاء للتعقيب. معنى التعقيب أن يقع الثاني بعد الأول
متصلاً به.
ولقوله: (اسْكُنْ) معنيان:
أحدهما: اتخذاها مسكنا من قولهم:
هذه الدار لك سكنى.
والثاني: لازمها. والأول يحتمل لفظ الفاء، لأن له نهاية وتعقيباً، فكان ما في الأعراف أليق به، لأن ما قبله قوله: (اخرجْ منها)
فليست الجنة لك سكنى، واتخذاها سكنى فكلا عقيب اتخاذكماها سكنى
من حيث شئتما، ولم يحتمل المعنى الآخر الفاء، لأنه لا غاية له، فعطف
بالواو على معنى الجمع، أي اجمعا بين لزومكماها والأكل من حيث شئتما.
وقيل: ما في البقرة خطاب قبل الدخول، وما في الأعراف بعد الدخول.
وزاد في البقرة: (رغدا) لأنه ذكر بلفظ التعظيم، فزاد في الكرامة والنعيم.
وهو قوله: (قلنا) ، وفي الأعراف: (قال) .
(وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ)
قيل: هي الحنطة، وقيل: العنب، وقيل: التين، وقيل: النخلة، وقيل: الكافور، وقيل: شجرة العلم. أي شجرة من أكل منها علم الخير والشر، وقيل: شجرة الخلد التي تأكل منها الملائكة، وقيل: شجرة من أكل منها أحدث، وقيل: شجرة الحنظل.
وقال ابن حبيب: إن بعض الأغبياء قال: إن الشجرة محمد، وأكل آدم منها إعلان سِر كان استكتم آدم فعصى، فهذا تَلَعُّب بالدِين وتمويهٌ، وقائل هذه المقالة غير مصدق بدين ولا نبوة.
وإنما مراده تشكيك الناس والتلبيس عليهم (١) .
(مُسْتَقَرٌّ) موضع قرار، وقيل: موضع قورهم.
و (مَتَاعٌ) معاش "إلى حين " إلى وقت الموت، وقيل: إلى القيامة.
(١) جميع هذه الأقوال لا دليل عليها، والأولى تفويض علمها إلى الله تعالى، ولو كان في تعيين الشجرة فائدة، لصرح القرآن باسمها، والغيب يقتصر فيه على ما أخبر صاحب الغيب - عز وجل - ومن ثَمَّ وجب التوقف في تعيين هذه الأمور وأمثالها. والله أعلم.