الغريب: روى أن معاوية كان يقرأ القرآن، وقرأ" في عين حامية".
فقال ابن عباس: إنما هو "حمئة"، فقال معاوية لعبد الله بن عمرو بن
العاص: كيف تقرأ، فقال: كما قرأت يا أمير المؤمنين، فقال ابن عباس:
إنما نزل القرآن في بيتي، فأرسل معاوية إلى كعب، فقال: أين تجد الشمس
تغرب في التوراة، فقال كعب: إنا نجد في التوراة أنها تغرب في طين ذي
حمأة، فأما العربية فأنتم أعلم بها، فأنشد رجل من اليمن في تقوية قول ابن
عباس:
بلغ المشارقَ والمغاربَ يبتغي. . . أسبابَ أمرٍ من حكيمٍ مُرشدٍ
فرأى مغيبَ الشمسِ عند مآبِها. . . في عينِ ذي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمِدِ
فقال له ابن عباس: ما الخُلُب، فقال: الطين: فقال: فما الثَأْط.
فقال: الحمأة. قال: فما الحرمد، فقال: الأسود، فالمحققون ذهبوا إلى أنه
تراءى له أن الشمس تغرب في ذلك الماء إذْ لم يكن في مطمح بصَره شيء
غير الماء، فرآها كأنها تغيب في الماء، وكذلك يكون حال من في البحر
والبراري والجبال، وذهب بعضهم إلى أنها تغرب في وسط العين، وأن الماء
يفور كغليانِ القدر لولا أصوات أهل مدينة بالمغرب يفال لها "جابرسا"، لها
اثنا عشر ألف باب لسمعتم وقع هدتها إذا وقعت.
قوله: (قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (٨٦)
قال من قال كان نبياً، قال: أوحي هذا إليه، ومن قال كان ملِكاً قال: أوحى الى نبي كان في زمانه، وقيل: أُلْهِم، قال أبو إسحق: إن الله خيره بين هذين الحكْمين كما خير محمداً - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ)
ورد عليه علي بن سليمان، وقال: لم يصح أن ذا القرنين نبي، فخوطب