أي معلم خير، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان عالماً كان مباركاً، وقيل: آمراً بالمعروف، وقيل: نَفّاعاً، وقيل: ثابتاً على الدين، وأصل البركة الثبات، وقيل: مُبَارَكًا على الناس في دينهم.
الغريب: قوله: "مُبَارَكًا" نفى، كما جرت عادة الناس به من التشاؤم
من الشيء يقع على خلاف العادة.
سؤال: لِمَ قال في الأول: (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (١٤)) ، وبعده (جَبَّارًا شَقِيًّا) ؟
الجواب: لأن الأول فىِ حق يحيى، وقد قال - عليه السلام - " ما أحد
من بني آدم إلا أذنب أو هَمَّ بذنب إلا يحيى بن زكريا". فنفى عنه العصيان.
والثاني في حق عيسى - عليه السلام - فأثبت له السعادة، ونفى عنه الشقاوة، والأنبياء عندنا معصومون عن الكبائر غير معصومين عن الصغائر (١) .
قوله (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) .
يريد سلام جبريل - عليه السلام - عليه يوم الولادة، وسلام عزرائيل يوم
الموت، وسلام الملائكة يوم البعث.
سؤال: لِمَ قال في الأول "سلام " وفي الثاني "السلام".
الجواب: لأن الأول من الله، والقليل منه سبحانه كثير. والثاني من
عيسى، والألف واللام لاستغراق الجنس، وقيل: ذلك أيضاً من وحي الله
عليه. فتقرب من سلام يحيى، وقيل: لأن النكرة إذا تكررت، صارت
معرفة، وقيل: نكرة الجنس ومعرفة الجنس يفيدان فائدة واحدة، نحو: والله
لا أشرب الماء، هما واحد.
قوله: (قولَ الحقِ)
(١) الراجح عند المحققين عصمة الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - من الصغائر والكبائر.