فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن هذا عبارة عن سرعة الإيجاد، وأن لا نَصَب هناك ولا تَعَب، والأمر أو القول مجازان، لأن المعدوم لا يخاطب، والموجود لا يؤمر بالوجود.
والثاني: أن جميع ما هو كائن في علم الله كالموجود، فَصَحَّ الخطابُ. والثالث: أن هذا خاصٌّ في الموجودات التي أراد الله سبحانه أن ينقلها بحالة أخرى، كقوله: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَ) الآية.
ومثله (كُونُوا قِرَدَةً) ، وقيل: معنى (لَهُ) لأجلِهِ.
قوله: (فَيَكُونُ)
الرفع هو الوجه، أي فهو يكون على الوجه الذى قدره الله.
والنصب على الحمل على اللفظ، لأنه صيغة الأمر، وكذلك
قال الأخفش: في قوله (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا) .
قوله: (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) .
وقال في هذه السورة أيضاً: (مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) .
فجعل مكان (الَّذِي) "مَا" وزاد "مِن"، لأن العلم في الأول علم بالكمال ليس
وراءه علم، لأن معناه بعد الذي جاءك من العلم بالله وبصفاته، وبأن (الهدى
هدى الله) : ومعناه بأن دين الله الإسلام، وأن القرآن كلام الله، وكان لفظ (الَّذِي) أليق به من "مَا"، لأنه في التعريف أبلغ، وفي الوصف أقعد، بيان ذلك أن الذي تُعَرِّفُه صلتُه ولا يَتنَكَّرُ قط ويتقدمه أسماء الإشارة نحو قوله: (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ) ، فيتكنَّفُهُ بيانان.
الإشارة والصلة ويلزمه الألف واللام، ويثنى ويجمع، و "مَا" ليس فيه شيء
من ذلك، لأنه يتنكر مرة ويتعرف أخرى، ولا يقع وصفاً لأسماء الِإشارة،