تعملون حتى ننظر ما هو كائن, فلما رأوا انه لا ينزل شيء قالوا: ما نرى شيئاً، فأنزل الله {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} الآية الأنبياء: ١، فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة، فلما امتدَّت الأيام قالوا: يا محمد ما نرى شيئاً مما تخوِّفنا به، فأنزل الله سبحانه {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} النحل: ١، فوثب النبي -صلى الله عليه وسلم- ورفع الناس رؤوسهم فنزلت {فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} فاطمأنوا، فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بُعِثتُ أنا والساعة كهاتين - وأشار بإصبعيه - إن كادت لتسبقني) (١).
والأمر على هذا: يوم القيامة، واستعمل لفظ الماضي للمستقبل تحقيقاً, وقيل: لأن ما هو آتٍ قطعاً فهو كما أتى.
وقيل معناه: أتى أمر الله وعداً فلا تستعجلوه وقوعاً، وقيل معناه: يأتي، ومثله: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ} الأعراف: ٤٨، وقيل: الأمر هاهنا العذاب بالسيف، وهذا جواب للنضر (٢) بن الحارث حيث استعجل بالعذاب، وقيل: الأمر هاهنا مصدر أمر، والمراد به فرائضه وأحكامه.
الزَّجاج: هو ما وعدهم الله على كفرهم (٣).
وقيل: المراد به بعض أشراط الساعة.
وقيل: الأمر هاهنا ما وعد الله نبيه من النصر.
والاستعجال: طلب التَّعجيل، والتعجيل: إحضارُ الشيء قبل وقتِه.
{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى} تنزيهاً له وتعالياً.
(١) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» (ص ٤٦١) عن ابن عباس رضي الله عنهما، كما ذكره ابن الجوزي ٤/ ٤٢٦، وقد أخرج الطبري ١٤/ ١٥٩ نحوه عن ابن جريج، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بإصبعيه) أخرجه البخاري من حديث سهل بن سعد (٦٥٠٣)، ومن حديث أنس (٦٥٠٤)، ومن حديث أبي هريرة (٦٥٠٥).
(٢) في (ب): (النضر).
(٣) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٣/ ١٨٩.