{وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} أي: قابل الإيمان وساكن إليه.
{وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} أي: قبله على اختيار وانشراح صدر.
{صَدْرًا} نصب على التمييز، أي: شرح صدره، فصرف الفعل إلى المضاف إليه فانتصب على التمييز.
{فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦)}.
{ذَلِكَ} الغضب والعذاب.
{بِأَنَّهُمُ} بسبب أنهم وبدل أنهم.
{اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ} أي: آثروها عليها.
{وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (١٠٧)}.
{أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ} ختم.
{عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} أي: خذلهم.
{وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٠٨)} عن آيات الله بتَرْكِهم التأمُّل فيها.
{لَا جَرَمَ} من جعله اسماً فهو مفتوح، ومن جعله فعلاً جعل (لا) رداً، وقد سبق (١).
{أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٠٩)}.
قوله {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} في سبب النزول، قال قتادة: ذكر لنا أنه لما أنزل الله إن أهل مكة لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا، وكتب بها أهل المدينة إلى أصحابهم، فخرجوا فأدركتهم قريش في الطريق (٢) ففتنوهم مكرهين، ومنهم من قتل ومنهم من نجى، فأنزل الله {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} (٣). أي: عذبوا وأوذوا حتى تلفظوا بما رضيهم.
{ثُمَّ جَاهَدُوا} مع النبي {وَصَبَرُوا} على الدين والجهاد {إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا} بعد الفتنة التي أصابتهم، وقيل: المجاهدة، وقيل: الهجرة.
{لَغَفُورٌ} يغفر لهم ما تلفظوا به من الكفر تَقِيَّة (٤).
{رَحِيمٌ (١١٠)} يرحمهم.
ومن قرأ (فَتَنُوا) فتقديره: فتنوا أنفسهم، ولما طال الكلام أعاد (إن) واسمها (٥).
{يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ} يعني يوم القيامة.
(١) سبق في نفس السورة، الآية (٢٣)، وسورة هود، آية (٢٢).
(٢) سقط قوله (في الطريق) من (ب).
(٣) أخرجه الطبري ١٤/ ٣٧٨ - ٣٧٩، وزاد السيوطي ٩/ ١٢٤ نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) في (ب): (يغفر ما تلفظوا به من الكفر) فلم ترد (لهم) ولا (تقية).
(٥) قرأ ابن عامر وحده (من بعد ما فَتَنُوا) بفتح الفاء والتاء، وقرأ باقي العشرة (فُتِنُوا) بضم الفاء وكسر التاء.
انظر: «المبسوط» لابن مهران (ص ٢٢٦).