قال وهب: " لا بل كان حوتا يمشي في البحر ككوكب دري وكانا (١) يمشيان على أثره الى أن بلغا الخضر عليه السلام " (٢).
وهذا القول محتاج إلى شرح كأنه رأى الفتى حوتا يمشي في البحر بهذه الصفة فنسى ذكره لموسى عليه السلام فلما قال موسى لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا تذكر الحوت (٣) وأخبر موسى بذلك.
{قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ}، وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما عن أُبيّ (٤) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " انتهيا إلى الصخرة فناما واضطرب الحوت في المتكتل فخرج منه وسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا (٥) فامسك على الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق " (٦).
فعلى هذا يحوز أن يكون قوله {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (٦١)}
{وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (٦٣)} من قول الله فعجب قولهم (قال ذلك) أي: أمر الحوت. {مَا كُنَّا نَبْغِ} نطلب.
{فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (٦٤)} رجعا في الطريق الذي جاءا فيه يتتبعان أثر المجيء.
{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا} الجمهور على أنه الخضر واسمه بليا ابن ملكان (٧). وقيل: اليسع (٨).
(١) في أ: " فكأنما يمشيان " والصحيح ما أثبت.
(٢) ويدل عليه الحديث السابق عند البخاري قال: " فوجدا في البحر كالطاق ممر الحوت فكان لفتاه عجباً وللحوت سرباً ".
(٣) في ج: " فذكر الحوت ".
(٤) في ب: " وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما عن رسول الله "، وانظر ترجمة أبي بن كعب ص: ١١٧
(٥) في أ، ب: " فاتخذ سبيله سرباً ".
(٦) وهو جزء من حديث أخرجه البخاري (ك: التفسير، تفسير سورة الكهف، باب: فلما جاوزا، ح: ٤٧٢٧).
(٧) انظر: فتح الباري (٦/ ٤٩٩).
(٨) قاله السدي.
انظر النكت والعيون (٣/ ٣٢٥).