وذهب المحققون من المفسرين إلى أنه ترائ له أن الشمس تغرب في ذلك الماء؛ وذلك أنه لم يكن في مطمح بصره شيء غير الماء فرأى الشمس كأنها تغيب فيه كما أن من في البحر (١) يظن أن (٢) الشمس تطلع من الماء وتغرب فيه، وكذلك من في المفازة يظن أنها تطلع منها وتغيب فيها، وكذا أصحاب الجبال والحقيقة بخلاف ذلك وإنما ذلك في مرأى العين (٣).
{وَوَجَدَ عِنْدَهَا} عند تلك العين.
{قَوْمًا} مدينة فيها قوم عراة من الثياب لباسهم جلود الصيد وطعامهم مالفظه البحر، وكانوا كفاراً.
{قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (٨٦)} من قال كان نبيناً؛ قال: أَوحى الله إليه بهذا، ومن قال: لم يكن نبياً ففيه قولان: أحدهما: أوحى الله إلى نبي فأمره النبي به (٤).
والثاني: كان إلهاماً وإلقاءً في القلب؛ وفي معناه قولان:
أحدهما: إن شئت فاقتلهم، وإن شئت فاستبقهم بالإعراض عن تعذيبهم بالسيف وهو اتخاذ الحُسْن فيهم.
الزجاج: هو أن يعظهم بلسانه ويهديهم ببيانه (٥).
(١) في أ: " كما أن في البحر ".
(٢) في ب، ج: " يظن الشمس ".
(٣) قال ابن كثير في تفسيره (٣/ ١٠٧) "وأما الوصول إلى مغرب الشمس من السماء فمتعذر، وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنه سار في الأرض مدة والشمس تغرب من ورائه فشيء لا حقيقة له، وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب واختلاف زنادقتهم وكذبهم"، ثم بين أن المراد أنه رأى الشمس تغرب في منظره في البحر المحيط وهو شأن كل من انتهى إلى ساحله.
وانظر: البحر المحيط (٦/ ١٥١).
(٤) ((في ب: " فأمره النبي بذلك " وهو ساقط من ج.
(٥) ((انظر: معاني القرآن للزجاج (٣/ ٢٥٢).